وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ. وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ الْبَرَاءِ فِي الصَّرْفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَفِي بَابِ بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ) هُوَ النَّبِيلُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَى هُنَا وَفِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ.
قَوْلُهُ: (اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.
قَوْلُهُ: (شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ بِلَفْظِ: كُنْتُ أَتَّجِرُ فِي الصَّرْفِ.
قَوْلُهُ: (مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَرُدُّوهُ) فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: فَذَرُوهُ بِتَقْدِيمِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ؛ أَيِ اتْرُكُوهُ. وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ: رُدُّوهُ بِدُونِ الْفَاءِ، وَحَذْفُهَا فِي مِثْلِ هَذَا وَإِثْبَاتُهَا جَائِزٌ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ للصَّفْقَةِ فَيَصِحُّ الصَّحِيحُ مِنْهَا وَيَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: بَاعَ شَرِيكٌ لِي دَرَاهِمَ فِي السُّوقِ نَسِيئَةً إِلَى الْمَوْسِمِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْعَ، فَقَالَ: مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلَا يَصْلُحُ. فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ: مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ؛ أَيْ مَا وَقَعَ لَكُمْ فِيهِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَأَمْضُوهُ، وَمَا لَمْ يَقَعْ لَكُمْ فِيهِ التَّقَابُضُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَاتْرُكُوهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١١ - بَاب مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ
٢٤٩٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ) الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُشْرِكِينَ عَاطِفَةٌ وَلَيْسَ بِمَعْنَى مَعَ، وَالتَّقْدِيرُ: مُشَارَكَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ، وَمُشَارَكَةُ الْمُسْلِمِ لِلْمُشْرِكِينَ.
وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي إِعْطَاءِ الْيَهُودِ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا مُخْتَصَرًا، وقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الذِّمِّيِّ وَأَلْحَقَ الْمُشْرِكَ بِهِ لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَأْمَنَ صَارَ فِي مَعْنَى الذِّمِّيِّ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى مُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَ فِي الْجَوَازِ كَالثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ أَجَازَهُ إِذَا كَانَ يَتَصَرَّفُ بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ، وَحُجَّتُهُمْ خَشْيَةُ أَنْ يَدْخُلَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِ مَا لَا يَحِلُّ كَالرِّبَا وَثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِمُعَامَلَةِ النَّبِيِّ ﷺ يَهُودَ خَيْبَرَ - وَإِذَا جَازَ فِي الْمُزَارَعَةِ جَازَ فِي غَيْرِهَا - وَبِمَشْرُوعِيَّةِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ مَعَ أَنَّ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا فِيهَا.
١٢ - بَاب قسم الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا
٢٥٠٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ أَنْتَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَسْمِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَقَدْ مَضَى تَوْجِيهُ إِيرَادِهِ فِي الشَّرِكَةِ فِي أَوَائِلِ