للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَأْوِيلُهُمُ الْإِطَالَةَ الْمَطْلُوبَةَ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فَمُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الرَّاوِيَ أَدْرَى بِمَعْنَى مَا رَوَى، كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ إِلَى الشَّارِعِ (١) وَفِي الْحَدِيثِ مَعْنَى مَا تَرْجَمَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْوُضُوءِ ; لِأَنَّ الْفَضْلَ الْحَاصِلَ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ مِنْ آثَارِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ، فَكَيْفَ الظَّنُّ بِالْوَاجِبِ؟ وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَفِيهِ جَوَازُ الْوُضُوءِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَذًى لِلْمَسْجِدِ أَوْ لِمَنْ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٤ - بَاب لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

١٣٧ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْفَتِلْ - أَوْ لَا يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا.

[الحديث ١٣٧ - طرفاه في: ٢٠٥٦، ١٧٧]

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (لَا يَتَوَضَّأُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ.

قَوْلُهُ: (مِنَ الشَّكِّ) أَيْ: بِسَبَبِ الشَّكِّ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَبَّادٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسَقَطَتِ الْوَاوُ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ غَلَطًا؛ لِأَنَّ سَعِيدًا لَا رِوَايَةَ لَهُ عَنْ عَبَّادٍ أَصْلًا، ثُمَّ إِنَّ شَيْخَ سَعِيدٍ فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمَّ عَبَّادٍ كَأَنَّهُ قَالَ كِلَاهُمَا عَنْ عَمِّهِ أَيْ: عَمِّ الثَّانِي وَهُوَ عَبَّادٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَحْذُوفًا ويكون مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى صَاحِبُ الْأَطْرَافِ. وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَرٌ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَمِّهِ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، سَمَّاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فِي رِوَايَتِهِمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَمُّ عَبَّادٍ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ شَكَا) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا شَكَا بِأَلِفٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِيَ هُوَ الشَّاكِي، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ سُفْيَانَ وَلَفْظُهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ شُكِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَعَلَى هَذَا فَالْهَاءُ فِي أَنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ.

وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ شُكِيَ بِالضَّمِّ أَيْضًا كَمَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ. وَقَالَ: لَمْ يُسَمَّ الشَّاكِي، قَالَ: وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ الرَّاوِي. قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ هَذَا أَنَّ شَكَى بِالْفَتْحِ أَيْ: فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ.

قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ) بِالضَّمِّ عَلَى الْحِكَايَةِ. وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ.

قَوْلُهُ: (يُخَيَّلُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْخَيَالِ، وَالْمَعْنَى يَظُنُّ، وَالظَّنُّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ تَسَاوِي الِاحْتِمَالَيْنِ أَوْ تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الظَّنَّ خِلَافُ الْيَقِينِ.

قَوْلُهُ: (يَجِدُ الشَّيْءَ) أَيْ: الْحَدَثَ خَارِجًا مِنْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَفْظُهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ وَفِيهِ الْعُدُولُ عَنْ ذِكْرِ الشَّيْءِ الْمُسْتَقْذَرِ بِخَاصِّ اسْمِهِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي الصَّلَاةِ) تَمَسَّكَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِظَاهِرِهِ فَخَصُّوا الْحُكْمَ


(١) الأصح في هذه المسألة شرعية الإطالة في التعجيل خاصة، وذلك بالشروع في العضد والساق تكميلا للمفروض من غسل اليدين والقدمين، كما صرح أبو هريرة برفع ذلك إلى النبي في رواية مسلم. والله أعلم