للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُقْبِلَةَ، وَكَانُوا أَنْعَمَ قَوْمٍ، فَلَمَّا أَعْرَضُوا عَنْ تَصْدِيقِ الرُّسُلِ وَكَفَرُوا بَثَقَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْمُسَنَّاةِ، فَغَرِقَتْ أَرْضُهُمْ وَدَقَّتِ الرَّمْلُ بُيُوتَهُمْ وَمُزِّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ، حَتَّى صَارَ تَمْزِيقُهُمْ عِنْدَ الْعَرَبِ مَثَلًا يَقُولُونَ: تَفَرَّقُوا أَيْدِيَ سَبَأٍ. وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْعَرِمُ اسْمُ الْوَادِي، وَقِيلَ: الْعَرِمُ اسْمُ الْجُرَذِ الَّذِي خَرَّبَ السَّدَّ، وَقِيلَ: هُوَ صِفَةُ السَّيْلِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَرَامَةِ، وَقِيلَ: اسْمُ الْمَطَرِ الْكَثِيرِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَيْلُ الْعَرِمِ وَاحِدَتُهَا عَرِمَةٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ يُحْبَسُ بِهِ الْمَاءُ يُبْنَى فَيُشْرَفُ بِهِ عَلَى الْمَاءِ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ، وَيُتْرَكُ فِيهِ سَبِيلٌ لِلسَّفِينَةِ، فَتِلْكَ الْعَرِمَاتُ وَاحِدَتُهَا عَرِمَةٌ.

قَوْلُهُ: (السَّابِغَاتُ الدُّرُوعُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ أَيْ دُرُوعًا وَاسِعَةً طَوِيلَةً.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُجَازِي يُعَاقِبُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ قَالَ: هُوَ الْمُنَاقَشَةُ فِي الْحِسَابِ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ، وَهُوَ الْكَافِرُ لَا يُغْفَرُ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ): قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ جِهَةِ الْحَصْرِ فِي الْكُفْرِ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْكُفْرِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَمِثْلُهُ ﴿أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ وَقِيلَ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ وَقِيلَ: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ وَقِيلَ: ﴿كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ وَقِيلَ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ الْآيَةَ، وَقِيلَ: آيَةُ الدَّيْنِ، وَقِيلَ: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ وَهَذَا الْأَخِيرُ نَقَلَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَقِبَ حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَفِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾

قَوْلُهُ: (أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ: بِطَاعَةِ اللَّهِ، مَثْنَى وَفُرَادَى وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا.

قَوْلُهُ: (التَّنَاوُشُ: الرَّدُّ مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ: (وَأَنَّى لَهُمَا التَّنَاوُشُ) قَالَ: رَدٌّ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا. وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ قَالَ: يَسْأَلُونَ الرَّدَّ، وَلَيْسَ بِحِينِ رَدٍّ.

قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ: مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ. أَوْ زَهْرَةٍ.

قَوْلُهُ: (بِأَشْيَاعِهِمْ: بِأَمْثَالِهِمْ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ: كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ قَالَ: الْكُفَّارُ مِنْ قَبْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجَوَابِي كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ) تَقَدَّمَ هَذَا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، قِيلَ: الْجَوَابِي فِي اللُّغَةِ جَمْعُ جَابِيَةٍ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الشَّيْءُ أَيْ يُجْمَعُ، وَأَمَّا الْجَوْبَةُ مِنَ الْأَرْضِ فَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمُطْمَئِنُ فَلَا يَسْتَقِيمُ تَفْسِيرُ الْجَوَابِي بِهَا، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَسَّرَ الْجَابِيَةَ بِالْجَوْبَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ اشْتِقَاقَهُمَا وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (الْخَمْطُ: الْأَرَاكُ، وَالْأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ، الْعَرِمُ: الشَّدِيدُ) سَقَطَ الْكَلَامُ الْأَخِيرُ لِلنَّسَفِيِّ، وَقَدْ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا كُلِّهِ مُفَرَّقًا.

١ - بَاب ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾

٤٨٠٠ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا ﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ ﴿الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ فَيَسْمَعُهَا