للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي عُبَيْدَةَ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا اسْتِطْرَادًا لِبَيَانِ أَنَّ الِاجْتِرَاحَ يُطْلَقُ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَلِّبِينَ الْمُعَلِّمِينَ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْمَادَّةِ الْكِلَابَ لَكِنْ لَيْسَ الْكَلْبُ شَرْطًا فَيَصِحُّ الصَّيْدُ بِغَيْرِ الْكَلْبِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَوَارِحِ، وَلَفْظُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ أَيِ الصَّوَائِدِ، وَيُقَالُ فُلَانُ جَارِحَةُ أَهْلِهِ أَيْ كَاسِبُهُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَمَنْ يَجْتَرِحُ أَيْ يَكْتَسِبُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ اكْتَسَبُوا.

(تَنْبِيهٌ):

اعْتَرَضَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى قَوْلِهِ الْكَوَاسِبُ وَالْجَوَارِحُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٍ فِي الْهَوَالِكِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَأَلْزَمَهُ التَّنَاقُضُ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلِ الَّذِي هُنَا عَلَى الْأَصْلِ فِي جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى تَتْرُكَ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ. وَأ خْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَسَمَّيْتَ فَأَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبَهُ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ وَيَنْبَغِي إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَهُ حَتَّى يَدَعَ ذَلِكَ الْخُلُقَ، فَعُرِفَ بِهَذَا الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَتْرُكَ أَيْ يَتْرُكَ خُلُقَهُ فِي الشَّرَهِ وَيَتَمَرَّنُ عَلَى الصَّبْرِ عَنْ تَنَاوُلِ الصَّيْدِ حَتَّى يَجِئَ صَاحِبُهُ.

قَوْلُهُ (وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ صَيْدِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ. وَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الرُّخْصَةَ فِيهِ. وَكَذَا أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ.

قَوْلُهُ (وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ فَكُلْ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ بِلَفْظِ إِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ وَإِنْ شَرِبَ فَلَا وَتَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ.

٨ - بَاب الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً

٥٤٨٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنْ النَّبِيِّ ، قَالَ: إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَمْسَكَ وَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلَابًا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَأَمْسَكْنَ فقَتَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ.

قَوْلُهُ (بَابُ الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً) أَيْ عَنِ الصَّائِدِ. قَوْلُهُ (ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ) هُوَ أَبُو زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ الْأَحْوَلُ وَحَكَى الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّهُ قِيلَ فِيهِ ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

قُلْتُ: زَيْدٌ كُنْيَتُهُ لَا اسْمُ أَبِيهِ، وَشَيْخُهُ عَاصِمٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ وَقَدْ زَادَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ قِصَّةُ السَّهْمِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهْمِكَ فَكُلْ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهِ أَثَرَ غَيْرِ سَهْمِهِ لَا يَأْكُلْ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلْبِ مِنَ التَّفْصِيلِ فِيمَا إِذَا خَالَطَ الْكَلْبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ الصَّائِدُ كَلْبٌ آخَرُ، لَكِنِ التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ فِيمَا