للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ - قَالَ النَّبِيُّ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.

[الحديث ١٢٦٥ - أطرافه في: ١٢٦٦، ١٢٦٧، ١٢٦٨، ١٨٣٩، ١٨٤٩، ١٨٥٠، ١٨٥١]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْكَفَنُ فِي ثَوْبَيْنِ) كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الثَّلَاثَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا إِذَا شَحَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِالثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ، وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا الْوَاحِدُ السَّاتِرُ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ، فَلَا بُدَّ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ ابْنُ زَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَاقِفٌ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِطْلَاقِ لَفْظِ الْوَاقِفِ عَلَى الرَّاكِبِ.

قَوْلُهُ: (بِعَرَفَةَ) سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْأَوَّلُ، وَالَّذِي بِالْهَمْزِ شَاذٌّ، وَالْوَقْصُ: كَسْرُ الْعُنُقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ وَقَصَتْهُ: الْوَقْعَةُ أَوِ الرَّاحِلَةُ - بِأَنْ تَكُونَ أَصَابَتْهُ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ - وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَوَقَصَتْهُ؛ أَيْ رَاحِلَتُهُ، فَإِنْ كَانَ الْكَسْرُ حَصَلَ بِسَبَبِ الْوُقُوعِ فَهُوَ مَجَازٌ، وَإِنْ حَصَلَ مِنَ الرَّاحِلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَحَقِيقَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِبْدَالِ ثِيَابِ الْمُحْرِمِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ بِلَفْظِ: فِي ثَوْبَيْهِ. وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ أَحْرَمَ فِيهِمَا. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا لَمْ يَزِدْهُ ثَوْبًا ثَالِثًا تَكْرِمَةً لَهُ، كَمَا فِي الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ: زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ، وَعَلَى تَرْكِ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا أَنْ يُكْمِلَ عَنْ هَذَا الْمُحْرِمِ أَفْعَالَ الْحَجِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَقَالَ ابنُ بَطَّالٍ: وَفِيهِ أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ طَاعَةٍ، ثُمَّ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِتْمَامِهِ الْمَوْتُ رُجِيَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ.

٢٠ - باب الْحَنُوطِ لِلْمَيِّتِ

١٢٦٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَنُوطُ لِلْمَيِّتِ)؛ أَيْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ.

أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ: وَلَا تُحَنِّطُوهُ. ثُمَّ عُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا، فَإِذَا انْتَفَتِ الْعِلَّةُ انْتَفَى النَّهْيُ، وَكَأَنَّ الْحَنُوطَ لِلْمَيِّتِ كَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَهُمْ. وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ أَيْ لَا تُغَطُّوهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْرِمِ يُحَنَّطُ كَمَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ، وَأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وغَيْرِهِمْ: إِنَّ الْإِحْرَامَ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ فَيُصْنَعُ بِالْمَيِّتِ مَا يُصْنَعُ بِالْحَيِّ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِثْبَاتُ الْحَنُوطِ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَنْعِ الْحَنُوطِ لِلْمُحْرِمِ، وَلَكِنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ يَتَطَرَّقُ الِاحْتِمَالُ إِلَى مَنْطُوقِهَا، فَلَا يُسْتَدَلُّ بِمَفْهُومِهَا. وَقَالَ بَعْضُ