شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٤ - بَاب الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
١٩٢٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ح.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ ضَحِكَتْ.
١٩٢٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا ﵄ قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ: مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ: الْقُبْلَةُ لِلصَّائِمِ) أَيْ: بَيَانُ حُكْمِهَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ، وَهِشَامٌ هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ، وَقَدْ أَحَالَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَتْنِ عَلَى طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ وَلَيْسَ بَيْنَ لَفْظِهِمَا مُخَالَفَةٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِلَفْظِ: كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ هِشَامٌ: قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ ضَحِكَتْ، فَقَالَ عُرْوَةُ لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ. وَكَذَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ هِشَامٍ عَقِبَ الْحَدِيثِ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: ثُمَّ ضَحِكَتْ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ضَحِكَتْ يَحْتَمِلُ ضَحِكَهَا لِلتَّعَجُّبِ مِمَّنْ خَالَفَ فِي هَذَا، وَقِيلَ: تَعَجَّبَتْ مِنْ نَفْسِهَا إِذْ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا مِمَّا يُسْتَحَيى مِنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ مِثْلَهُ لِلرِّجَالِ، وَلَكِنَّهَا أَلْجَأَتْهَا الضَّرُورَةُ فِي تَبْلِيغِ الْعِلْمِ إِلَى ذِكْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ الضَّحِكُ خَجَلًا لِإِخْبَارِهَا عَنْ نَفْسِهَا بِذَلِكَ، أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا صَاحِبَةُ الْقِصَّةِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الثِّقَةِ بِهَا، أَوْ سُرُورًا بِمَكَانِهَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَبِمَنْزِلَتِهَا مِنْهُ وَمَحَبَّتِهِ لَهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَضَحِكَتْ، فَظَنَنَّا أَنَّهَا هِيَ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْوَى إِلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ لِيُقَبِّلَنِي، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمَةٌ. فَقَالَ: وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَبَّلَنِي. وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَا يَتَأَثَّرُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيلِ، لَا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ شَابَّةً، نَعَمْ لَمَّا كَانَ الشَّابُّ مَظِنَّةً لِهَيَجَانِ الشَّهْوَةِ فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُ الْمُقَبِّلِ، فَإِنْ أَثَارَتْ مِنْهُ الْقُبْلَةُ الْإِنْزَالَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ يُمْنَعُ مِنْهُ الصَّائِمُ، فَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَنْهَا الْمَذْيُ فَمَنْ رَأَى الْقَضَاءَ مِنْهُ قَالَ: يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ. وَمَنْ رَأَى أَنْ لَا قَضَاءَ قَالَ: يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ الْقُبْلَةُ إِلَى شَيْءٍ فَلَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ مِنْهَا إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِسَدِّ الذَّرِيعَةِ. قَالَ: وَمِنْ بَدِيعِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ لِلسَّائِلِ عَنْهَا: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ فَأَشَارَ إِلَى فِقْهٍ بَدِيعٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ لَا تَنْقُضُ الصَّوْمَ وَهِيَ أَوَّلُ الشُّرْبِ وَمِفْتَاحُهُ، كَمَا أَنَّ الْقُبْلَةَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَمِفْتَاحِهِ، وَالشُّرْبُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ كَمَا يُفْسِدُهُ الْجِمَاعُ، وَكَمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَوَائِلَ الشُّرْبِ لَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ، فَكَذَلِكَ أَوَائِلُ الْجِمَاعِ اهـ.
وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: مُنْكَرٌ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute