للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَيْ خَرَجْتُ، وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَحْدَهُ حَتَّى تَرَوْنِي خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ؛ وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَقُومُوا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: لَمْ أَسْمَعْ فِي قِيَامِ النَّاسِ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ بِحَدٍّ مَحْدُودٍ، إِلَّا أَنِّي أَرَى ذَلِكَ عَلَى طَاقَةِ النَّاسِ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الثَّقِيلَ وَالْخَفِيفَ. وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُمْ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَقُومُوا حَتَّى تَفْرُغَ الْإِقَامَةُ، وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَجَبَ الْقِيَامُ، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عُدِّلَتِ الصُّفُوفُ، وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُومُونَ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِذَا قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَرَوْهُ، وَخَالَفَ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي شَرَحْنَا، وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ جَوَازُ الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ فِي مَنْزِلِهِ إِذَا كَانَ يَسْمَعُهَا، وَتَقَدَّمَ إِذْنُهُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ بَيْتِهِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ ﷺ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يُرَاقِبُ خُرُوجَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَوَّلَ مَا يَرَاهُ يَشْرَعُ فِي الْإِقَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ غَالِبُ النَّاسِ، ثُمَّ إِذَا رَأَوْهُ قَامُوا فَلَا يَقُومُ فِي مَقَامِهِ حَتَّى تَعْتَدِلَ صُفُوفُهُمْ.

قُلْتُ: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا سَاعَةَ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَا يَأْتِي النَّبِيُّ ﷺ مَقَامَهُ حَتَّى تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ؛ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي قَرِيبًا بِلَفْظِ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَلَفْظُهُ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ: فَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، وَلَفْظُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ، فَأَتَى فَقَامَ مَقَامَهُ الْحَدِيثَ. وَعَنْهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَقَامَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ النَّبِيُّ ﷺ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا وَقَعَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَبِأَنَّ صَنِيعَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ سَاعَةَ تُقَامُ الصَّلَاةُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ ﷺ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ لَهُ شُغْلٌ يُبْطِئُ فِيهِ عَنِ الْخُرُوجِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِمُ انْتِظَارُهُ وَلَا يَرُدُّ هَذَا حَدِيثَ أَنَسٍ الْآتِي أَنَّهُ قَامَ فِي مَقَامِهِ طَوِيلًا فِي حَاجَةِ بَعْضِ الْقَوْمِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ نَادِرًا، أَوْ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ.

٢٣ - باب لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلًا وَلْيَقُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ

٦٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ. تابعه علي بن المبارك.

قَوْلُهُ: (بَابُ لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلًا، وَلْيَقُمْ إِلَيْهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بَابُ لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَجُمِعَا فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ بِلَفْظِ: بَابِ لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ وَلَا يَقُومُ إِلَيْهَا مُسْتَعْجِلًا إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَا يَسْعَى) كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَسْعَى إِلَيْهَا أَحَدُكُمْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ