كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: هِيَ الْإِبِلُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هِيَ الْخَيْلُ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُمَا نَحْوَهُ بِلَفْظِ: الْإِبِلُ فِي الْحَجِّ وَالْخَيْلُ فِي الْجِهَادِ وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هِيَ الْإِبِلُ. وَبِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا ضَبَحَتْ دَابَّةٌ قَطُّ إِلَّا كَلْبٌ أَوْ فَرَسٌ.
قَوْلُهُ: ﴿لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾: مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْخَيْرِ، لَشَدِيدٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا فَسَّرَ اللَّامَ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ، أَيْ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ حُبِّ الْمَالِ لَبَخِيلٌ، وَقِيلَ: إِنَّهَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَالْمَعْنَى إِنَّهُ لَقَوِيٌّ مُطِيقٌ لِحُبِّ الْخَيْرِ.
قَوْلُهُ: ﴿يَصِلُ﴾: مُيِّزَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ أَيْ: مُيِّزَ، وَقِيلَ: جُمِعَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَصِلُ﴾ أَيْ أُخْرِجَ.
١٠١ - سُورَةُ الْقَارِعَةِ
﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ كَغَوْغَاءَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. كَالْعِهْنِ: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: كَالصُّوفِ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْقَارِعَةِ) كَذَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا.
قَوْلُهُ: ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ) هُوَ كَلَامُ الْفَرَّاءِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿كَالْفَرَاشِ﴾ يُرِيدُ كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ إِلَخْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْفَرَاشُ طَيْرٌ لَا ذُبَابَ وَلَا بَعُوضَ، وَالْمَبْثُوثُ الْمُتَفَرِّقُ، وَحَمْلُ الْفَرَاشِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُ بِالْفَرَاشِ كَثِيرًا كَقَوْلِ جَرِيرٍ:
إِنَّ الْفَرَزْدَقَ مَا عَلِمْتُ وَقَوْمَهُ … مِثْلَ الْفَرَاشِ غَشِينَ نَارَ الْمُصْطَلِي
وَصَفَهُمْ بِالْحِرْصِ وَالتَّهَافُتِ، وَفِي تَشْبِيهِ النَّاسِ يَوْمَ الْبَعْثِ بِالْفَرَاشِ مُنَاسَبَاتٌ كَثِيرَةٌ بَلِيغَةٌ، كَالطَّيْشِ وَالِانْتِشَارِ وَالْكَثْرَةِ، وَالضَّعْفِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَجِيءِ بِغَيْرِ رُجُوعٍ، وَالْقَصْدِ إِلَى الدَّاعِي وَالْإِسْرَاعِ، وَرُكُوبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالتَّطَايُرِ إِلَى النَّارِ.
قَوْلُهُ: ﴿كَالْعِهْنِ﴾ كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ قَالَ: كَالْعِهْنِ لِأَنَّ أَلْوَانَهَا مُخْتَلِفَةٌ كَالْعِهْنِ وَهُوَ الصُّوفِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَالْعِهْنِ كَالصُّوفِ.
قَوْلُهُ: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ كَالصُّوفِ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ. وَهُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ الْفَرَّاءِ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ.
١٠٢ - سُورَةُ أَلْهَاكُمْ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّكَاثُرُ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
قَوْلُهُ: (سُورَةُ أَلْهَاكُمْ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَيُقَالُ لَهَا: سُورَةُ التَّكَاثُرِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُسَمُّونَهَا الْمَقْبَرَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّكَاثُرُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) وَصَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(تَنْبِيهٌ): لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، وَسَيَأْتِي فِي الرِّقَاقِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا يَدْخُلُ فِيهَا.
١٠٣ - سُورَةُ وَالْعَصْرِ
وَقَالَ يَحْيَى: الْعَصْرُ الدَّهْرُ أَقْسَمَ بِهِ