وَمَتْنِهِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَيْضًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
٩ - بَاب تَأْوِيلِ قَوْلِه تَعَالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. وَقَوْلِهِ ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ.
٢٧٥٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أخبرنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ﵁ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى. قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَأبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى تُوُفِّيَ ﵀.
٢٧٥١ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ"
قَوْلُهُ (بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ أَيْ بَيَانِ الْمُرَادِ بِتَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ فِي الذِّكْرِ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الْأَدَاءِ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ السِّرُّ فِي تَكْرَارِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ وَهُوَ الْأَعْوَرُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَضَى مُحَمَّدٌ ﷺ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ لَفْظُ أَحْمَدَ وَهُوَ إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ لِاعْتِضَادِهِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَإِلَّا فَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ أَنْ يُورِدَ الضَّعِيفَ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَ فِي الْبَابِ مَا يُعَضِّدُهُ أَيْضًا، وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute