للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرَّقَبَةِ الَّتِي تَكُونُ لِلْكَفَّارَةِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُنْقِذَةٌ مِنَ النَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَقَعَ إِلَّا بِمُنْقِذَةٍ مِنَ النَّارِ.

وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَوْلَهُ: فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَنْبٌ يُوجِبُ لَهُ النَّارَ إِلَّا الزِّنَا، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَتَعَاطَاهُ مِنَ الصَّغَائِرِ كَالْمُفَاخَذَةِ لَمْ يُشْكِلْ عِتْقُهُ مِنَ النَّارِ بِالْعِتْقِ، وَإِلَّا فَالزِّنَا كَبِيرَةٌ لَا تُكَفَّرُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ. ثُمَّ قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعِتْقَ يَرْجَحُ عِنْدَ الْمُوَازَنَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُرَجِّحًا لِحَسَنَاتِ الْمُعْتِقِ تَرْجِيحًا يُوَازِي سَيِّئَةَ الزِّنَا اهـ. وَلَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِالْفَرْجِ، بَلْ يَأْتِي فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ مِمَّا آثَارُهُ فِيهِ كَالْيَدِ فِي الْغَصْبِ مَثَلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢ - بَاب أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟

٢٥١٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ : أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ. قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَعْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: تُعِينُ ضَائعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: تَدَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟)؛ أَيْ لِلْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ) هَذَا مِنْ أَعْلَى حَدِيثٍ وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الثُّلَاثِيَّاتِ؛ لِأَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ شَيْخُ شَيْخِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَإِنْ كَانَ هُنَا رَوَى عَنْ تَابِعِيٍّ آخَرَ وَهُوَ أَبُوهُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى فَقَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ: عَنْ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ خَفِيفَةٌ وَكَسْرِ الْوَاوِ بَعْدِهَا مُهْمَلَةٌ، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامٍ اللَّيْثِيِّ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ مَدَنِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَشَذَّ مَنْ قَالَ: اسْمُهُ سَعْدٌ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: أَدْرَكَ النَّبِيَّ وَلَمْ يَرَهُ. قُلْتُ: وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَهُ، وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ فَصَارَ فِي الْإِسْنَادِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ. وَفِي الصَّحَابَةِ أَبُو مُرَاوِحٍ اللَّيْثِيُّ غَيْرُ هَذَا سَمَّاهُ ابْنُ مَنْدَهْ، وَاقِدًا وَعَزَاهُ لِأَبِي دَاوُدَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ أَبَا مُرَاوِحٍ أَخْبَرَهُ، وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَدَدًا كَثِيرًا نَحْوَ الْعِشْرِينَ نَفْسًا رَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَخَالَفَهُمْ مَالِكٌ فَأَرْسَلَهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ وَطَائِفَةٌ عَنْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ عَنْهُ عَنْ هِشَامٍ كَرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الرِّوَايَةُ الْمُرْسَلَةُ عَنْ مَالِكٍ أَصَحُّ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ هِشَامٍ كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَخْبَرَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: أَعْلَاهَا) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ لِلْأَكْثَرِ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ أَيْضًا، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا لِلنَّسَفِيِّ. قَالَ ابْنُ قُرْقُولٍ: مَعْنَاهُمَا مُتَقَارِبٌ. قُلْتُ: وَقَعَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ: أَكْثَرُهَا ثَمَنًا، وَهُوَ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: مَحَلُّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ شَخْصٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا رَقَبَةً يُعْتِقُهَا فَوَجَدَ رَقَبَةً نَفِيسَةً أَوْ رَقَبَتَيْنِ مَفْضُولَتَيْنِ فَالرَّقَبَتَانِ أَفْضَلُ. قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ