أَنَّ الَّذِي حَصَرَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالصَّامِتِ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ، بَلْ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالصَّامِتِ بِطَرِيقِ الِارْتِفَاقِ بِأَنْ يَحْبِسَ مَثَلًا مِنْهُ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمَرْأَةِ فَيَصِحَّ بِأَنْ يَحْبِسَ أَصْلَهُ، وَيَنْتَفِعَ بِهِ النِّسَاءُ بِاللُّبْسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ كَمَا قَدَّمْتُ تَوْجِيهَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٢ - بَاب نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ
٢٧٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا مَا تَرَكْتُ - بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي - فَهُوَ صَدَقَةٌ.
[الحديث ٢٧٧٦ - طرفاه في: ٣٠٩٦، ٦٧٢٩]
٢٧٧٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُؤْكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ نَفَقَةِ بَقِيَّةِ الْوَقْفِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
فَإِنَّهُ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ. وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ أُجْرَةِ الْعَامِلِ عَلَى الْوَقْفِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَيِّمُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَجِيرُ وَنَحْوُهُمَا أَوِ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ ﷺ، وَوَهَمَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أُجْرَةُ حَافِرِ قَبْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي. بِإِسْكَانِ الْمِيمِ عَلَى النَّهْيِ، وَبِضَمِّهَا عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى حَتَّى لَا يُعَارِضَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ ﷺ مَالًا يُورَثُ عَنْهُ، وَتَوْجِيهُ رِوَايَةِ النَّهْيِ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ شَيْئًا، بَلْ كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمَلًا فَنَهَاهُمْ عَنْ قِسْمَةِ مَا يَخْلُفُ إِنِ اتَّفَقَ أَنَّهُ خَلَفَ، وَقَوْلُهُ ﷺ وَرَثَتِي سَمَّاهُمْ وَرَثَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ بِالْقُوَّةِ، لَكِنْ مَنَعَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. وَسَيَأْتِي شَرْحُهٌ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْخُمُسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي وَقْفِ عُمَرَ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى قَبْلُ بِبَابٍ، وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ حَمَّادٍ. قُلْتُ: لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ، وَقُتَيْبَةُ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَقَدْ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَوَصَلَهُ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ مُطَوَّلًا، وَوَصَلَهُ أَيْضًا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ أَيُّوبَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: لَمْ أَقِفْ عَلَى طَرِيقِ قُتَيْبَةَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ ذُهُولٌ شَدِيدٌ مِنْهُ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ.
٣٣ - بَاب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا أَوِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَوَقَفَ أَنَسٌ دَارًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَ نَزَلَهَا، وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ: أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنْ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ، وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ.
٢٧٧٨ - وَقَالَ عَبْدَانُ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ