مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (مَنَاقِبُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ) أَيِ ابْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ - بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْقَافِ وَالْمُشَالَةُ - ابْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ، يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ جَمِيعًا فِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ، يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الصَّحَابَةِ، أَسْلَمَ بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالْفَتْحِ، وَيُقَالُ: قَبْلَ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ بِشَهْرَيْنِ، وَكَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَةَ ثَمَانٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ مُغَلْطَايْ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَفَرٍ وَكَانَ الْفَتْحُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ أَسْلَمَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ وَهِيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: أَسْلَمَ سَنَةَ سَبْعٍ. زَادَ غَيْرُهُ: وَقبل عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَمَا وَافَقَهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَدَ قَلَنْسُوَةً فَقَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَابْتَدَرَ النَّاسُ شَعْرَهُ، فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عِدَّةَ مَشَاهِدَ ظَهَرَتْ فِيهَا نَجَابَتُهُ، ثُمَّ كَانَ قَتْلُ أَهْلِ الرِّدَّةِ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ فُتُوحُ الْبِلَادِ الْكِبَارِ، وَمَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ نُمَيْرٍ، وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بِحِمْصَ. وَنُقِلَ عَنْ دُحَيْمٍ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَغَلَّطُوهُ، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ التِّينِ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غَلَطٌ قَبِيحٌ أَشَدُّ مِنْ غَلَطِ دُحَيْمٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ الصِّدِّيقُ لَمَّا احْتُضِرَ خَالِدٌ وَالنِّسْوَةُ تَبْكِينَ عَلَيْهِ: دَعْهُنَّ يُهْرِقْنَ دُمُوعَهُنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ، فَهَلْ تَأَيَّمَتِ النِّسَاءُ عَنْ مِثْلِهِ انْتَهَى. قُلْتُ: وَبَعْضُ هَذَا الْكَلَامِ مَنْقُولٌ عَنْ عُمَرَ فِي حَقِّ خَالِدٍ كَمَا مَضَى فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَفِيهِ ذِكْرُ اللَّقْلَقَةِ.
ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: حَتَّى أَخَذَهَا - يَعْنِي الرَّايَةَ - سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ خَالِدٌ، وَمِنْ يَوْمِئِذٍ تَسَمَّى سَيْفَ اللَّهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تُؤْذُوا خَالِدًا فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ. وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذِهِ الْغَزْوَةِ فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٦ - بَاب مَنَاقِبِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ﵁
٣٧٥٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَا أَدْرِي، بَدَأَ بِأُبَيٍّ أَوْ بِمُعَاذِ.
[الحديث ٣٧٥٨ - أطرفه في: ٣٧٦٠، ٣٨٠٦، ٣٨٠٨، ٤٩٩٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ) أَيِ ابْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مَوْلَاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا فَسَاءَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ، لِمَا كُنْتُ أَرَى مِنْ عَقْلِهِ وَاسْتُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ بِالْيَمَامَةِ، وَأَمَّا سَالِمٌ فَكَانَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَقَدْ أُشِيرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ كَانَ عَارِفًا بِالْقُرْآنِ، وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ بِقُبَاءَ لَمَّا قَدِمُوا مِنْ مَكَّةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute