شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ. فَقَالَتْ: أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ، فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا - قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: وَمِنْ السَّنَامِ. قَالَ: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلِيٌّ ﵁: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِآبَائِي! فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلَأِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ بَعْدَهُ هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ وَهُوَ الْعُشْبُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ. وَمَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ اشْتَرَاكُ الْمَاءِ وَالْحَطَبِ وَالْمَرْعَى فِي جَوَازِ انْتِفَاعِ النَّاسِ بِالْمُبَاحَاتِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِبَاحَةُ الِاحْتِطَابِ فِي الْمُبَاحَاتِ وَالِاخْتِلَافِ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَتَرْتَفِعُ الْإِبَاحَةُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ بِالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ فَلَأَنْ يَمْلِكَ بِالْإِحْيَاءِ لَهُ أَوْلَى. ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:
أَوَّلُهَا وَثَانِيهَا حَدِيثُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الِاكْتِسَابِ بِالِاحْتِطَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.
شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ. فَقَالَتْ:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ،
فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا - قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: وَمِنْ السَّنَامِ. قَالَ: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلِيٌّ ﵁: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِآبَائِي! فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
ثَالِثُهُا: حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ شَارِفِيهِ مَعَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالشَّاهِدُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى مَا تَرْجَمَ بِهِ مِنْ جَوَازِ الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٤ - بَاب الْقَطَائِعِ
٢٣٧٦ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁ قَالَ: أَرَادَ رسول الله ﷺ أَنْ يُقْطِعَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا. قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي.
[الحديث ٢٣٧٦ - أطرافه في: ٢٣٧٧، ٣١٦٣، ٣٧٩٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْقَطَائِعِ) جَمْعُ قَطِيعَةٍ تَقُولُ قَطَعْتُهُ أَرْضًا جَعَلْتُهَا لَهُ قَطِيعَةً، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَخُصُّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الرَّعِيَّةِ مِنَ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَيَصِيرُ أَوْلَى بِإِحْيَائِهِ مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْ إِلَى إِحْيَائِهِ. وَاخْتِصَاصُ الْإِقْطَاعِ بِالْمَوَاتِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ، وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْإِقْطَاعَ تَسْوِيغُ الْإِمَامِ مِنْ مَالِ اللَّهِ شَيْئًا لِمَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِذَلِكَ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا لِمَنْ يَرَاهُ مَا يَحُوزُهُ إِمَّا بِأَنْ يُمَلِّكَهُ إِيَّاهُ فَيُعَمِّرَهُ، وَإِمَّا بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ غَلَّتَهُ مُدَّةً انْتَهَى.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالثَّانِي هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا هَذَا إِقْطَاعًا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ.