١٨ - بَاب الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ
٢٤٠٥ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، فَقَالَ: صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ: عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ ﷺ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ) أَيْ فِي تَخْفِيفِهِ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي دَيْنِ أَبِيهِ، وَفِيهِ حَدِيثُهُ فِي قِصَّةِ بَيْعِ الْجَمَلِ جَمَعَهُمَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ: فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا فَأَبَوْا، فَاسْتَشْفَعْتُ بِالنَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهِمْ فَأَبَوُا الْحَدِيثَ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صَنِّفْ تَمْرَكَ أَيِ اجْعَلْ كُلَّ صِنْفٍ وَحْدَهُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى حِدَةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ عَلَى انْفِرَادٍ، وَقَوْلُهُ: عَذْقُ ابْنِ زَيْدٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ جَيِّدٌ مِنَ التَّمْرِ، وَالْعَذْقُ بِالْفَتْحِ النَّخْلَةُ، وَاللِّينُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّدِيءُ.
٢٤٠٦ - وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ فَوَكَزَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ خَلْفِهِ، قَالَ: بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ ﷺ: فَمَا تَزَوَّجْتَ، بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَارًا فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: ائْتِ أَهْلَكَ، فَقَدِمْتُ فَأَخْبَرْتُ خَالِي بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلَامَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الْجَمَلِ، وَبِالَّذِي كَانَ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ وَسَهْمِي مَعَ الْقَوْمِ.
وَقَوْلُهُ: فَأَزْحَفَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ كَلَّ وَأَعْيَا، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا تَعِبَ يَجُرُّ رَسَنَهُ وَكَأَنَّهُمْ كَنَّوْا بِقَوْلِهِمْ: أَزْحَفَ رَسَنَهُ أَيْ جَرَّهُ مِنَ الْإِعْيَاءِ ثُمَّ حَذَفُوا الْمَفْعُولَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ.
وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَزَعَمَ أَنَّ الصَّوَابَ زَحَفَ الْجَمَلُ مِنَ الثُّلَاثِيِّ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ. وَقَوْلُهُ: وَوَكَزَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْوَاوِ أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ وَرَكَزَهُ بِالرَّاءِ أَيْ رَكَزَ فِيهِ الْعَصَا وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي ضَرْبِهِ بِهَا، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى دَيْنِ أَبِيهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَعَلَى بَيْعِ جَمَلِهِ فِي الشُّرُوطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٩ - بَاب مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾
وَ ﴿لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute