١٨ - بَاب سَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ
٦٨٠٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ - أَوْ قَالَ عُرَيْنَةَ، وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ مِنْ عُكْلٍ - قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا، حَتَّى إِذَا بَرِئُوا قَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ غُدْوَةً، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي إِثْرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ.
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (سَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي وَيَجُوزُ مُضَافًا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ مَعَ سُكُونِ الْمِيمِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ الْعُرَنِيِّينَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ، وَقَوْلُهُ فِيهِ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُتِيَ بِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي أَوَّلِ الْمُحَارِبِينَ وَسَمَلَ بِاللَّامِ وَهُمَا بِمَعْنًى، قَالَ ابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَ عِيَاضٌ: سَمَرَ الْعَيْنَ بِالتَّخْفِيفِ كَحَلَهَا بِالْمِسْمَارِ الْمَحْمِيِّ، فَيُطَابِقُ السَّمْلَ فَإِنَّهُ فُسِّرَ بِأَنْ يُدْنَى مِنَ الْعَيْنِ حَدِيدَةٌ مُحْمَاةٌ حَتَّى يَذْهَبُ نَظَرُهَا فَيُطَابِقُ الْأَوَّلَ بِأَنْ تَكُونَ الْحَدِيدَةُ مِسْمَارًا، قَالَ: وَضَبَطْنَاهُ بِالتَّشْدِيدِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَفَسَّرُوا السَّمْلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ فَقْءُ الْعَيْنِ بِالشَّوْكِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ هُنَا.
(تَنْبِيهٌ) أَشْكَلَ قَوْلُهُ فِي آيَةِ الْمُحَارِبِينَ: ﴿ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ مَعَ حَدِيثِ عُبَادَةَ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ كَفَّارَةً، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ الْمُحَارِبَ يُجْمَعُ لَهُ الْأَمْرَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ أَنَّ فِيهِ ذِكْرَ الشِّرْكِ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي، فَلَمَّا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قُتِلَ عَلَى شِرْكِهِ فَمَاتَ مُشْرِكًا أَنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ قَامَ إِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي كَانَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِإِثْمِ مَعْصِيَتِهِ، وَالَّذِي يَضْبِطُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٩ - بَاب فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْفَوَاحِشَ
٦٨٠٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute