فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِهْلَالِ، وَهَذَا مُصَيِّرٌ مِنَ الزُّهْرِيِّ إِلَى تَسْمِيَةِ الزَّانِي أَبًا لِمَنْ زَنَى بِأُمِّهِ؛ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ الْمَرْفُوعِ، وَعَلَى ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ فِي بَابِ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٨٠ - بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
١٣٦٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَمَا وَاللَّهِ، لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: [١١٣ التوبة]: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الآيَةَ"
[الحديث ١٣٦٠ - أطرافه في: ٣٨٨٤، ٤٦٧٥، ٤٧٧٢، ٦٦٨١]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَأْتِ بِجَوَابِ (إِذَا)؛ لِأَنَّهُ ﷺ لَمَّا قَالَ لِعَمِّهِ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا. كَانَ مُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ إِذَا قَالَهَا وَقَدْ أَيْقَنَ بِالْوَفَاةِ لَمْ يَنْفَعْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ جَوَابَ إِذَا لِيَفْهَمَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ وَفِكْرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةَ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ: مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ. أَيِ: الِاسْتِغْفَارِ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: عَنْكَ. وَقَوْلُهُ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ الْآيَةَ) يَعْنِي: قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ الْآيَةَ، كَمَا سَيَأْتِي. وَقَدْ ثَبَتَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الْآيَةَ.
٨١ - بَاب الْجَرِيدَةِ عَلَى الْقَبْرِ. وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ
وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ فُسْطَاطًا عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: انْزِعْهُ يَا غُلَامُ؛ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ.
وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُنِي وَنَحْنُ شُبَّانٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ ﵁، وَإِنَّ أَشَدَّنَا وَثْبَةً الَّذِي يَثِبُ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَتَّى يُجَاوِزَهُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ، فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ.
١٣٦١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ