وَلَيْسَ فِيمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ أَوَّلًا وَآخِرًا مَا يُصَرِّحُ بِالْمَنْعِ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي بَابُ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
قَوْلُهُ: يُونُسُ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ.
قَوْلُهُ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ، زَادَ ابْنُ الْمِنْهَالِ فِي رِوَايَتِهِ: فَخُيِّلَ إِلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ ثَانِيَةً.
٣٣ - بَاب هَلْ يَدْخُلُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الْأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزُّرُعُ وَالْأَمْتِعَةُ؟
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ
قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا
وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، لِحَائِطٍ لَهُ مُسْتَقْبِلَةِ الْمَسْجِدِ.
٦٧٠٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ غُلَامًا، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى وَادِي الْقُرَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.
قَوْلُهُ: بَابُ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الْأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزَّرْعُ وَالْأَمْتِعَةُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ: الْمَالُ فِي لُغَةِ دَوْسٍ قَبِيلَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ الْعَيْنِ كَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ الْمَالُ هُوَ الْعَيْنُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ كُلَّ مَا يُتَمَوَّلُ وَيُمْلَكُ فَهُوَ مَالٌ، فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ إِلَى رُجْحَانِ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ كَقَوْلِ عُمَرَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ. وَقَوْلِ أَبِي طَلْحَةَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ.
وَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ، وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْعَرَبُ لَا تُوقِعُ اسْمَ الْمَالِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِلَّا عَلَى الْإِبِلِ لِشَرَفِهَا عِنْدَهُمْ فَلَا يَدْفَعُ إِطْلَاقَهُمُ الْمَالَ عَلَى غَيْرِ الْإِبِلِ، فَقَدْ أَطْلَقُوهُ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ الْإِبِلِ مِنَ الْمَوَاشِي، وَوَقَعَ فِي السِّيرَةِ: فَسَلَكَ فِي الْأَمْوَالِ، يَعْنِي الْحَوَائِطَ، وَنَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَرِقَّاءُ، وَقِيلَ: الْحَيَوَانُ كُلُّهُ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: مَا جَاءَكَ مِنَ الرِّزْقِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ فَخُذْهُ وَتَمَوَّلْهُ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَالْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ، وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: الْمَالُ كُلُّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَمَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَالٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَالُ فِي الْأَصْلِ الْعَيْنُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ مَا يُتَمَلَّكُ، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِمَالِهِ عَلَى مَذَاهِبَ تَقَدَّمَ نَقْلُهَا فِي بَابُ إِذَا أَهْدَى مَالَهُ وَمَنْ قَالَ كَأَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَقَعُ نَذْرُهُ إِلَّا عَلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ قَالَ كَمَالِكٍ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَالٍ، قَالَ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute