للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَ السُّجُودِ إِلَى الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدَيْنِ، وَيَشْمَلُ مَا إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ أَيْضًا لَكِنْ بِدُونِ تَشَهُّدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ (١) وَإِذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَدُلَّ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْهَا إِلَى الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، لَكِنْ قَدْ رَوَى يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا هَذَا الْحَدِيثَ وَفِيهِ: وَلَا يَرْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ النَّفْيَ عَمَّا عَدَا الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ، وَسَيَأْتِي إِثْبَاتُ ذَلِكَ فِي مَوْطِنٍ رَابِعٍ بَعْدُ بِبَابٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ خَالِدٍ) هُوَ الْحَذَّاءُ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ.

قَوْلُهُ: (إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَفَعَ وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ وَوَهِمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَعَزَاهُ لِلْمُتَّفِقِ.

قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَ) أَيْ: مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ، وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ رَأَى فَيَبْقَى فَاعِلُهُ أَبُو قِلَابَةَ فَيَصِيرُ مُرْسَلًا.

٨٥ - بَاب إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ

٧٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ) لَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِالْحُكْمِ كَمَا جَزَمَ بِهِ قَبْلُ وَبَعْدُ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِيمَا إِذَا قَوَّى الْخِلَافَ؛ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ عِنْدَهُ مُحَاذَاةِ الْمَنْكِبَيْنِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إِيرَادِ دَلِيلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ إِلَخْ) هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي فِي بَابِ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ مَنْ عَرَفْنَا اسْمَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمَذْكُورِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مُقَابِلَهُمَا، وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ، وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِلَفْظِ: حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِ إِسْنَادِهِ أَصَحُّ. وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: يُحَاذِي بِظَهْرِ كَفَّيْهِ الْمَنْكِبَيْنِ وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ. وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ وَائِلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: حَتَّى كَانَتَا حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ، وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ لَكِنْ رَوَى مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي الِافْتِتَاحِ، وَفِي غَيْرِهِ دُونَ ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْعَلُ الْأُولَى أَرْفَعَهُنَّ؟ قَالَ: لَا. ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ رَفْعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ غَيْرُ مَالِكٍ فِيمَا أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ


(١) مراده عند الشافعية وجماعة من أهل العلم، والصواب وجوبه كما هو مذهب أحمد وجماعة، لكونه ﷺ فعله وداوم عليه وسجد للسهو لما تركه سهوا، ولعموم قوله ﷺ " صلوا كما رأيتموني أصلي" والله أعلم