٥ - بَاب نَصْرِ الْمَظْلُومِ
٢٤٤٥ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ﵄ قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلَامِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِي، وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ.
٢٤٤٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ نَصْرِ الْمَظْلُومِ) هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمَظْلُومِينَ، وَكَذَلِكَ فِي النَّاصِرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مُخَاطَبٌ بِهِ الْجَمِيعُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيَتَعَيَّنُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إِنْكَارِهِ مَفْسَدَةٌ أَشَدُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ، فَلَوْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَلَوْ تَسَاوَتِ الْمَفْسَدَتَانِ تَخَيَّرَ، وَشَرْطُ النَّاصِرِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِ الْفِعْلِ ظُلْمًا. وَيَقَعُ النَّصْرُ مَعَ وُقُوعِ الظُّلْمِ وَهُوَ حِينَئِذٍ حَقِيقَةٌ، وَقَدْ يَقَعُ قَبْلَ وُقُوعِهُ كَمَنْ أَنْقَذَ إِنْسَانًا مِنْ يَدِ إِنْسَانٍ طَالَبَهُ بِمَالٍ ظُلْمًا وَهَدَّدَهُ إِنْ لَمْ يَبْذُلْهُ، وَقَدْ يَقَعُ بَعْدُ وَهُوَ كَثِيرٌ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي الْأَمْرِ بِسَبْعٍ وَالنَّهْيِ عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَاللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: وَنَصْرُ الْمَظْلُومِ.
ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: يَشُدُّ بَعْضُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَشُدُّ بَعْضُهُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
٦ - بَاب الِانْتِصَارِ مِنْ الظَّالِمِ، لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا.
قَوْلُهُ: (بَابُ الِانْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ، لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ﴾ وَالَّذِينَ) يَعْنِي: وَقَوْلُهُ ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلا مَنْ ظُلِمَ﴾ أَيْ فَانْتَصَرَ بِمِثْلِ مَا ظُلِمَ بِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ مَلَامٌ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ ﴿إِلا مَنْ ظُلِمَ﴾ فَانْتَصَرَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَجْهَرَ بِالسُّوءِ، وَعَنْهُ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمْ.
قُلْتُ: وَنُزُولُهَا فِي وَاقِعَةِ عَيْنٍ لَا يَمْنَعُ حَمْلَهَا عَلَى عُمُومِهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُرَادُ بِالْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ الدُّعَاءُ فَرَخَّصَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ قَالَ: يَعْنِي مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَدُوا. وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ طَرِيقِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَسَبَّتْنِي، فَرَدَعَهَا النَّبِيُّ ﷺ فَأَبَتْ، فَقَالَ لِي: سُبِّيهَا. فَسَبَبْتُهَا حَتَّى جَفَّ رِيقُهَا فِي فَمِهَا فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ يَتَهَلَّلُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) أَيِ النَّخَعِيُّ (كَانُوا) أَيِ السَّلَفُ (يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا) بِالذَّالِ