سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَخْرَجَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى رِجَالُهَا ثِقَاتٌ أَنَّ عُمَرَ جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَنْتَ خَلِيعٌ، فَقَالَ: أَمَّا إِذْ خَلَّعْتَنِي فَلَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمَدِينِيِّ.
قَوْلُهُ: (أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: فَقَامَ لِيَضْرِبَهُ وَهُوَ تَصْحِيف؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ عَلَى الصَّوَابِ بِلَفْظِ: فَقَالَ: اضْرِبُوهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ السُّكْرَ بِمُجَرَّدِهِ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ: سَهَا فَسَجَدَ، وَلَمْ يُفَصِّلْ هَلْ سَكِرَ مِنْ مَاءِ عِنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا هَلْ شَرِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى الْكُوفِيِّينَ فِي التَّفْرِقَةِ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْأَشْرِبَةِ.
٦ - بَاب السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ
٦٧٨٢ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
[الحديث ٦٧٨٢ - طرفه في: ٦٨٠٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ السَّارِقِ حِينَ يَسْرِقُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فِي أَوَّلِ الْحُدُودِ مُقْتَصِرًا فِيهِ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ: وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ، وَسَقَطَ لَفْظُ السَّارِقِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ بِسَنَدِهِ فِيهِ: وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.
قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْتَزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ؟ قَالَ: هَكَذَا فَإِنْ تَابَ رَاجَعَهُ الْإِيمَانُ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحُدُودِ.
٧ - بَاب لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ
٦٧٨٣ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْاوَي دَرَاهِمَ.
[الحديث ٦٧٨٣ - طرفه في: ٦٧٩٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ) أَيْ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ، إِشَارَةً إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الشَّارِبِ الْمُعَيَّنِ كَمَا مَضَى تَقْرِيرُهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي تَعْيِينُ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَمُوَاجَهَتُهُمْ بِاللَّعْنِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْعَنَ فِي الْجُمْلَةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ رَدْعًا لَهُمْ وَزَجْرًا عَنِ انْتِهَاكِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا يَكُونُ لِمُعَيَّنٍ لِئَلَّا يَقْنَطَ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادَ الْبُخَارِيِّ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ لَعْنِ الشَّارِبِ وَقَالَ: لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ قَرِيبًا. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِيَرْتَدِعَ مَنْ سَمِعَهُ عَنِ السَّرِقَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً.
قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُرَادَ