قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الْوَلَاءِ) ذَكَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَنْصُورٍ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ، وَهَذَا اللَّفْظُ لِوَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَاشْتَرَطُوا الْوَلَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَذَكَرَهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَيْضًا وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ تَامًّا وَقَالَ: لَفْظُهُمَا وَاحِدٌ، فَعُرِفَ أَنَّ وَكِيعًا كَانَ رُبَّمَا اخْتَصَرَهُ، وَعُرِفَ أَنَّهُ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَصْحَابُ مَنْصُورٍ كَأَبِي عَوَانَةَ بِلَفْظِ: إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ، كَالْحَاكِمِ، وَالْأَعْمَشِ وَأَصْحَابُ الْأَسْوَدِ وَأَصْحَابُ عَائِشَةَ وَكُلُّهَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَتَفَرَّدَ الثَّوْرِيُّ وَتَابَعَهُ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُورٌ رَوَاهُ لَهُمَا بِالْمَعْنَى، وَقَدْ تَفَرَّدَ الثَّوْرِيُّ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ: وَوَلِيَ النِّعْمَةَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَعْطَى الْوَرِقَ أَيِ الثَّمَنَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْوَرِقِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَوَلِيَ النِّعْمَةَ أَعْتَقَ، وَمُطَابَقَتُهُ لِقَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ أَنَّ صِحَّةَ الْعِتْقِ تَسْتَدْعِي سَبْقَ مِلْكٍ وَالْمِلْكُ يَسْتَدْعِي ثُبُوتَ الْعِوَضِ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَاءَ لِكُلِّ مُعْتِقٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا جَرُّ الْوَلَاءِ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: لَيْسَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَوْلَادُ مَنْ أَعْتَقْنَ، إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَخْتَصُّ الذُّكُورُ بِوَلَاءِ مَنْ أَعْتَقَ آبَاؤُهُمْ بَلِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِيهِ سَوَاءٌ كَالْمِيرَاثِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ طَاوُسٍ مِثْلَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ سَحْنُون فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ التِّينِ، وَتُعُقِّبَ الْحَصْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ تَبَعًا لِسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ وَلَدُ الْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ مَنْ أَعْتَقْنَ، قَالَ: وَالْعِبَارَةُ السَّالِمَةُ أَنْ يُقَالَ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّهُ إِلَيْهِنَّ مَنْ أَعْتَقْنَ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ، احْتِرَازًا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ مِنْ زِنًا أَوْ كَانَتْ مُلَاعَنَةً أَوْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَإِنَّ وَلَاءَ وَلَدِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِنَّ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ، وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَوْعِبُ الْمَالَ بِالْفَرْضِ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنَ التَّعْصِيبِ، فَاخْتُصَّ بِالْوَلَاءِ مَنْ يَسْتَوْعِبُ الْمَالَ وَهُوَ الذَّكَرُ وَإِنَّمَا وَرِثْنَ مَنْ عْتَقْنَ ; لِأَنَّهُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ لَا عَنْ جَرِّ الْإِرْثِ، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ عَلَى مَنْ قَالَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ مِنَ الْمُعْتَقِ عَنْهُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: لِمَنْ أَعْتَقَ لِمَنْ كَانَ مَنْ عَتَقَ فِي مِلْكِهِ حِينَ
الْعِتْقِ لَا لِمَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ فَقَطْ.
٢٤ - بَاب مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَابْنُ الْأُخْتِ مِنْهُمْ
٦٧٦١ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ.
٦٧٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ عَتِيقُهُمْ يُنْسَبُ نِسْبَتَهُمْ وَيَرِثُونَهُ.
قَوْلُهُ: (وَابْنُ الْأُخْتِ مِنْهُمْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَنْتَسِبُ إِلَى بَعْضِهِمْ وَهِيَ أُمُّهُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ) هَكَذَا