ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾
٢٤٤٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَعْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قِصَاصِ الْمَظَالِمِ) يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ بَابُ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
وَقَوْلُهُ: بِقَنْطَرَةٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا طَرَفُ الصِّرَاطِ مِمَّا يَلِي الْجَنَّةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ بَيْنَ الصِّرَاطِ وَالْجَنَّةِ.
وَقَوْلُهُ: فَيَتَقَاصُّونَ بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ يَتَفَاعَلُونَ مِنَ الْقِصَاصِ وَالْمُرَادُ بِهِ تَتَبُّعُ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْمَظَالِمِ وَإِسْقَاطُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.
وَقَوْلُهُ: حَتَّى إِذَا نُقُّوا بِضَمِّ النُّونِ بَعْدَهَا قَافٌ مِنَ التَّنْقِيَةِ، وَوَقَعَ لِلْمُسْتَمْلِيِّ هُنَا تَقَصَّوْا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَكْمَلُوا التَّقَاصَّ.
قَوْلُهُ: (وَهُذِّبُوا) أَيْ خُلِّصُوا مِنَ الْآثَامِ بِمُقَاصَصَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي ذِكْرُهُ فِي التَّوْحِيدِ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ هُنَا بَعْضُهُمْ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَخْ) وَصَلَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ، وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهِ تَصْرِيحَ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ بِالتَّحْدِيثِ، وَاسْمُ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَلِيُّ بْنُ دُؤَادَ بِضَمِّ الدَّالِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ.
[الحديث ٢٤٤٠ - طرفه في: ٦٥٣٥]
٢ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾
٢٤٤١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حدثني قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ ﵄ آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: ﴿هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾
[الحديث ٢٤٤١ - أطرافه في: ٤٦٨٥، ٦٠٧٠، ٧٥١٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ يُدْنِي اللَّهُ الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي التَّوْحِيدِ، وَفِي كِتَابِ الرِّقَاقِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ