للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَرَوْنَهُ قَدْ سَجَدَ بِإِثْبَاتِ النُّونِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ بِحَذْفِهَا وَهُوَ أَوْجَهُ، وَجَازَ الْأَوَّلُ عَلَى إِرَادَةِ الْحَالِ.

وحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ.

وحَدِيثُ أَنَسٍ يَأْتِي فِي الرِّقَاقِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ هِلَالٍ لَهُ مِنْ أَنَسٍ. وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى إِيرَادِهِ لَهُ هُنَا فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ نَظَرُ الْمَأْمُومِينَ إِلَى الْإِمَامِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى مَا أَمَامَهُ، وَإِذَا سَاغَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ سَاغَ لِلْمَأْمُومِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّ الْقِصَّةَ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ، فَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَقَدْ قَالُوا لَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ فَهَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِهِ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ رُؤْيَتَهُمُ الْإِشَارَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَاقِبُونَ أَفْعَالَهُ. قُلْتُ: لَكِنْ يَطْرُقُ هُنَا احْتِمَالٌ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ رَفْعِ بَصَرِهِمْ إِلَيْهِ وُقُوعَ الْإِشَارَةِ مِنْهُ، لَا أَنَّ الرَّفْعَ كَانَ مُسْتَمِرًّا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْأَصْلَ نَظَرُ الْمَأْمُومِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ فِي الْخُشُوعِ إِلَّا إِذَا احْتَاجَ إِلَى رُؤْيَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ لِيَقْتَدِيَ بِهِ مَثَلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٩٢ - بَاب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ

٧٥٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ؟ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعُوا عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الدُّعَاءِ، فَكَرِهَهُ شُرَيْحٌ وَطَائِفَةٌ، وَأَجَازَهُ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ كَمَا أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ الصَّلَاةِ (١). قَالَ عِيَاضٌ: رَفْعُ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ نَوْعُ إِعْرَاضٍ عَنِ الْقِبْلَةِ، وَخُرُوجٌ عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) فِيهِ دَفْعٌ لِتَعْلِيلِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ فَأَدْخَلَ بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وقَتَادَةَ رَجُلًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ - وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِهِ - وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ بَيَانُ سَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا بِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَذَكَرَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا، وَهِيَ عِلَّةٌ غَيْرُ قَادِحَةٍ؛ لِأَنَّ سَعِيدًا أَعْلَمُ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ مِنْ مَعْمَرٍ، وَقَدْ تَابَعَهُ هَمَّامٌ عَلَى وَصْلِهِ عَنْ قَتَادَةَ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ.

قَوْلُهُ: (فِي صَلَاتِهِمْ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الدُّعَاءِ فَإِنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ اقْتَضَى اخْتِصَاصَ الْكَرَاهَةِ بِالدُّعَاءِ الْوَاقِعِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ وَلَفْظُهُ: (لَا تَرْفَعُوا أَبْصَاركُمْ إِلَى السَّمَاءِ) يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، وَأَخْرَجَهُ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ أَيْضًا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، والطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ


(١) هذا فيه نظر، والصواب أن قبلة الدعاء في قبلة الصلاة لوجوه: أولها أن هذا القول لا دليل عليه من الكتاب والسنة، ولا يعرف عن سلف الأمة. الثاني أن رسول الله كا كان يستقبل القبلة في دعائه كما ثبت ذلك عنه في مواطن كثيرة. الثالث أن قبلة التيء هي ما يقابله لا ما يرفع اليه بصره كما أوضح ذلك شارح الطماوية (ص ٣٢٩ بتحقيق أحمد محمد شاكر)