للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمُزَنِيِّ فَسَلَّمَ الْمُزَنِيُّ، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ. ثُمَّ لَا فَرْقَ عِنْدَ الْمُجِيزِينَ فِي الْفِطْرِ بِكُلِّ مُفْطِرٍ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ بَيْنَ الْفِطْرِ بِالْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ فَمَنَعَهُ فِي الْجِمَاعِ، قَالَ: فَلَوْ جَامَعَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِلَّا إِنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ قَبْلَ الْجِمَاعِ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَانِعِينَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الصِّيَامَ فِي لَيْلِة الْيَوْمَ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يُصْبِحَ مُفْطِرًا ثُمَّ أَظْهَرَ الْإِفْطَارَ لِيُفْطِرَ النَّاسُ، لَكِنَّ سِيَاقَ الْأَحَادِيثِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: ادْنُوَا فَكُلَا. فَقَالَا: إِنَّا صَائِمَانِ، فَقَالَ: اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمُ ادْنُوَا فَكُلَا قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ الْفِطْرَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النَّهَارِ. (تَنْبِيهٌ): قَالَ الْقَابِسِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ فِي هَذِهِ السَّفْرَةِ مُقِيمًا مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّةَ فَلَمْ يُشَاهِدْ هَذِهِ الْقِصَّةَ، فَكَأَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ.

٣٥ - بَاب

١٩٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ وَابْنِ رَوَاحَةَ

قَوْلُهُ: (بَابٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَعَلَى الْحَالَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ تَعَلُّقٌ بِالتَّرْجَمَةِ، وَوَجْهُهُ مَا وَقَعَ مِنْ إِفْطَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، فَدَلَّ عَلَى الْجَوَازِ، وَعَلَى رَدِّ قَوْلِ مَنْ قَالَ: مَنْ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ شَامِيُّونَ سِوَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ دَخَلَ الشَّامَ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ الصُّغْرَى التَّابِعِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ الْحَدِيثَ، وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَتِمُّ الْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَيَتَوَجَّهُ الرَّدُّ بِهَا عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي زَعْمِهِ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا، وَقَدْ كُنْتُ ظَنَنْتُ أَنَّ هَذِهِ السَّفْرَةَ غَزْوَةَ الْفَتْحِ لَمَّا رَأَيْتُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِالْعَرَجِ فِي الْحَرِّ، وَهُوَ يُصَبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءُ - وَهُوَ صَائِمٌ - مِنَ الْعَطَشِ وَمِنَ الْحَرِّ، فَلَمَّا بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَزَاةَ الْفَتْحِ كَانَتْ فِي أَيَّامِ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَقَدِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَتَانِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ السُّفْرَتَيْنِ كَانَ فِي رَمَضَانَ، لَكِنَّنِي رَجَعْتُ عَنْ ذَلِكَ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ اسْتُشْهِدَ بِمُؤْتَةَ قَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتَا جَمِيعًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدِ اسْتَثْنَاهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِي هَذِهِ السُّفْرَةِ مَعَ النَّبِيِّ فَصَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ سَفْرَةً أُخْرَى. وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي سِيَاقِ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ أَنَّ الَّذِينَ اسْتَمَرُّوا مِنَ الصَّحَابَةِ صِيَامًا كَانُوا جَمَاعَةً، وَفِي هَذَا أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَحْدَهُ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ