للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ الْكُبْرَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَلَفْظُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لِأَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ، فَنَصَبَ الْأَوْثَانَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَبَحَّرَ الْبَحِيرَةَ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ، وَحَمَى الْحَامِيَ.

وَوَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُهُ، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنَّهُ قَالَ: عَمْرُو بْنُ قَمَعَةَ فَنَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدَفَ أَبُو خُزَاعَةَ وَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ مُرْسَلًا، وَفِيهِ: فَقَالَ الْمِقْدَادُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ؟ قَالَ: أَبُو هَؤُلَاءِ الْحَيِّ مِنْ خُزَاعَةَ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ سَبَبَ عِبَادَةِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ الْأَصْنَامَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْعَمَالِيقُ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَاسْتَوْهَبَهُمْ وَاحِدًا مِنْهَا وَجَاءَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَنَصَبَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ هُبَلُ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ جُرْهُمٍ قَدْ فَجَرَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَسَافُ بِامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا نَائِلَةُ فِي الْكَعْبَةِ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا حَجَرَيْنِ، فَأَخَذَهُمَا عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ فَنَصَبَهُمَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَصَارَ مَنْ يَطُوفُ يَتَمَسَّحُ بِهِمَا، يَبْدَأُ بِأَسَافَ وَيَخْتِمُ بِنَائِلَةَ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ كَانَ لَهُ تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ أَبُو ثُمَامَةَ فَأَتَاهُ لَيْلَةً، فَقَالَ: أَجِبْ أَبَا ثُمَامَةَ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ مِنْ تِهَامَةَ، فَقَالَ: ادْخُلْ بِلَا مَلَامَةَ، فَقَالَ: ايْتِ سَيْفَ جُدَّةَ، تَجِدْ آلِهَةً مُعَدَّةً، فَخُذْهَا وَلَا تَهَبْ، وَادْعُ إِلَى عِبَادَتِهَا تُجَبْ.

قَالَ: فَتَوَجَّهَ إِلَى جُدَّةَ فَوَجَدَ الْأَصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ فِي زَمَنِ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ، وَهِيَ وَدٌّ، وَسُوَاعٌ، وَيَغُوثُ، وَيَعُوقُ، وَنَسْرٌ، فَحَمَلَهَا إِلَى مَكَّةَ وَدَعَا إِلَى عِبَادَتِهَا فَانْتَشَرَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ فِي الْعَرَبِ، وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ شَرْحِ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ نُوحٍ إِنْ شَاءَ تَعَالَى.

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الْخُزَاعِيُّ) كَذَا وَقَعَ نَسَبُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَلَفْظُهُ: أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَعَبَدَ الْأَصْنَامَ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ أَبُو خُزَاعَةَ، وَهَذَا مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ عَمْرِو بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نِسْبَةِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ إِلَى مُضَرَ، فَإِنَّ عَامِرًا هُوَ ابْنُ مَاءِ السَّمَاءِ بْنِ سَبَأ وَهُوَ جَدُّ جَدِّ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ عِنْدَ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْيَمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُسِبَ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّبَنِّي كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْوَصِيلَةِ وَالسَّائِبَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[١٠ - باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري ]

١١ - بَاب قِصَّةِ زَمْزَمَ

٣٥٢٢ - حَدَّثَنَا زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَخْزَمَ، قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ:، حَدَّثَنِي مُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الْقَصِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِإِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كُنْتُ رَجُلًا مِنْ غِفَارٍ فَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقُلْتُ لِأَخِي: انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، كَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ. فَانْطَلَقَ فَلَقِيَهُ ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَى عَنْ الشَّرِّ. فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ تَشْفِنِي مِنْ الْخَبَرِ، فَأَخَذْتُ جِرَابًا وَعَصًا. ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ