يُنْهُوا عَنْهُ.
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ جُوَاثَى اسْمُ حِصْنٍ بِالْبَحْرَيْنِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا قَرْيَةً. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهَا مَدِينَةٌ، وَمَا ثَبَتَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِهَا قَرْيَةً أَصَحُّ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَوَّلِ قَرْيَةً ثُمَّ صَارَتْ مَدِينَةً، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِتَقَدُّمِ إِسْلَامِ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرْتُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَزَادَ اللَّيْثُ إِلَخْ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ اللَّيْثِ مُتَّفِقَةٌ مَعَ ابْنِ الْمُبَارَكِ إِلَّا فِي الْقِصَّةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِرِوَايَةِ اللَّيْثِ، وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ مُعَلَّقَةٌ، وَقَدْ وَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنْهُ، وَقَدْ سَاقَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، فَلَمْ يُخَالِفْ رِوَايَةَ اللَّيْثِ إِلَّا فِي إِعَادَةِ قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ: وَكُلُّكُمْ رَاعٍ إِلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَكَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ) هُوَ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، وَالتَّصْغِيرُ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فِي رِوَايَتِنَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ: بِتَقْدِيمِ الزَّايِ وَبِالتَّصْغِيرِ فِيهِ دُونَ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (أُجَمِّعُ) أَيْ: أُصَلِّي بِمَنْ مَعِي الْجُمُعَةَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا) أَيْ: يَزْرَعُ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ، بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي طَرِيقِ الشَّامِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ عَلَى سَاحِلِ الْقُلْزُمِ، وَكَانَ رُزَيْقٌ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ يَزْرَعُهَا مِنْ أَعْمَالِ أَيْلَةَ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ أَيْلَةَ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ مَدِينَةً كَبِيرَةً ذَاتَ قَلْعَةٍ، وَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ يَنْزِلُ بِهَا الْحَاجُّ الْمِصْرِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَبَعْضُ آثَارِهَا ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (وَأَنَا أَسْمَعُ) هُوَ قَوْلُ يُونُسَ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: يَأْمُرُهُ حَالَةٌ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ: يُخْبِرُهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَأْمُرُهُ، وَالْمَكْتُوبُ هُوَ الْحَدِيثُ، وَالْمَسْمُوعُ الْمَأْمُورُ بِهِ، قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ هُوَ عَيْنُ الْمَسْمُوعِ، وَهُوَ الْأَمْرُ وَالْحَدِيثُ مَعًا، وَفِي قَوْلِهِ: كَتَبَ تَجَوُّزٌ كَأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَمْلَاهُ عَلَى كَاتِبِهِ فَسَمِعَهُ يُونُسُ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ كَتَبَهُ بِخَطِّهِ وَقَرَأَهُ بِلَفْظِهِ فَيَكُونُ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَرَأَهُ وَأَنَا أَسْمَعُ، وَوَجْهُ مَا احْتُجَّ بِهِ عَلَى التَّجْمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ كُلُّكُمْ رَاعٍ أَنَّ عَلَى مَنْ كَانَ أَمِيرًا إِقَامَةَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ - وَالْجُمُعَةُ مِنْهَا - وَكَانَ رُزَيْقٌ عَامِلًا عَلَى الطَّائِفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ حُقُوقَهُمْ وَمِنْ جُمْلَتِهَا إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ.
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنَ السُّلْطَانِ إِذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ. وَفِيهِ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى خِلَافًا لِم نْ شَرَطَ لَهَا الْمُدُنَ، فَإِنْ قِيلَ ; قَوْلُهُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَرْعِيُّ أَيْضًا، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَرْعِيٌّ بِاعْتِبَارٍ، رَاعٍ بِاعْتِبَارٍ، حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ كَانَ رَاعِيًا لِجَوَارِحِهِ وَحَوَاسِّهِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عِبَادِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ فِيهِ: (قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ) جَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ فَاعِلَ قَالَ هُنَا هُوَ يُونُسُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ سَالِمٌ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ ابْنُ عُمَرَ. وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِقْرَاضِ بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
١٢ - بَاب هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ غُسْلٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ؟ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا الْغُسْلُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ