فِي الْأَشْرِبَةِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِالْمُكْثِرِ، وَأَمَّا ابْنُ مَوْهِبٍ فَلَمْ يُدْرِكْ تَمِيمًا، وَقَدْ أَشَارَ النَّسَائِيُّ إِلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِيهَا بِسَمَاعِهِ مِنْ تَمِيمٍ خَطَأٌ، وَلَكِنْ وَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ، وَنَقَلَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدٍ لَهُ صَحِيحٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَا يَرَى لَهُ وَجْهًا، وَصَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَخْرَجِ مُتَّصِلٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ، وَجَزَمَ فِي التَّارِيخِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمُعَارَضَتِهِ حَدِيثَ: إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ سَنَدُهُ لَمَا قَاوَمَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَتُرُدِّدَ فِي الْجَمْعِ هَلْ يُخَصُّ عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ بِهَذَا فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ تُؤَوَّلُ الْأَوْلَوِيَّةُ فِي قَوْلِهِ: أَوْلَى النَّاسِ بِمَعْنَى النُّصْرَةِ وَالْمُعَاوَنَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا بِالْمِيرَاثِ وَيَبْقَى الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى عُمُومِهِ؟ جَنَحَ الْجُمْهُورُ إِلَى الثَّانِي وَرُجْحَانُهُ ظَاهِرٌ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ: لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَكَانَ تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِمُوَالَاتِهِ فِي النَّصْرِ وَالْإِعَانَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ لَوَجَبَ تَخْصِيصُ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ حَمَّادٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ إِنْ عَقَلَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ فَلَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ لِغَيْرِهِ وَاسْتَحَقَّ الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا، وَعَنِ النَّخَعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ، وَعَنْهُ إِنِ اسْتَمَرَّ إِلَى أَنْ مَاتَ تَحَوَّلَ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الْبَاغَنْدِيِّ الَّتِي أَسْلَفْتُهَا، وَفِي غَيْرِهَا أَنَّهُ أَعْطَى رَجُلًا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَبِنْتًا نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي بَقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الْبِنْتِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ فِيهِ: فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلِاخْتِصَاصِ أَيِ الْوَلَاءُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ أَعْتَقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: لَا يَمْنَعُكَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: لَا يَمْنَعَنَّكَ بِالتَّأْكِيدِ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ مُخْتَصَرًا وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَنْصُورٍ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ الْأَسْوَدُ رَاوِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ الْحَكَمُ، وَمَضَى الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُحَمَّدٌ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ السَّنَدِ الثَّانِي قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَجَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ.
قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ كَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبُّويَةَ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ يَعْنِي الْبِيكَنْدِيَّ، وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مُحَمَّدٌ، عَنْ جَرِيرٍ سِوَى هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ ابْنُ سَلَامٍ، وَقَدْ أَغْرَبَ أَبُو نُعَيْمٍ فَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ ثُمَّ قَالَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ، كَذَا وَجَدْتُهُ وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا ذُهُولًا.
٢٣ - بَاب مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ
٦٧٥٩ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الْوَلَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اشْتَرِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
٦٧٦٠ - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute