فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِحَجَرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَقَادَ بِالْحَجَرِ) أَيْ حَكَمَ بِالْقَوَدِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ وَالْجَارِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ: فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: أَنْ نَعَمْ بِالنُّونِ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ وَكِلَاهُمَا يَجِيءُ لِتَفْسِيرِ مَا يَتَقَدَّمُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا أَشَارَتْ إِشَارَةً مُفْهِمَةً يُسْتَفَادُ مِنْهَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا لَوْ نَطَقَتْ. فَقَالَتْ نَعَمْ.
٨ - بَاب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ
٦٨٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ من بَعْدِي، أَلَا وَإِنَّها أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أن يُودَى وَإِمَّا أن يُقَاد، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهٍ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِلَّا الْإِذْخِرَ. وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيلِ. وقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْقَتْلَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ.
٦٨٨١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُجَاهِدٍ "عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ .. ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، قَالَ ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَنْ يَطْلُبَ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ"
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ) تَرْجَمَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَظَاهِرُهُ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ الِاخْتِيَارَ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ أَوِ الِاقْتِصَاصِ رَاجِعٌ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ رِضَا الْقَاتِلِ.
وَهَذَا الْقَدْرُ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ وَمِنْ ثَمَّ عَقَّبَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ أَيْ تَرَكَ لَهُ دَمَهُ وَرَضِيَ مِنْهُ بِالدِّيَةِ ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَيْ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالدِّيَةِ.
وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعَفْوَ بِقَبُولِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ، وَقَبُولُ الدِّيَةِ رَاجِعٌ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ طَلَبُ الْقِصَاصِ، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا لَزِمَتِ الْقَاتِلَ الدِّيَةُ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute