وَقِيلَ الْحَالُ انْتَهَى. وَجَزَمَ ابْنُ قُتَيْبَةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْضًا وَأَنْكَرَ السُّكُونَ وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْكِسَائِيُّ، وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ الْعُكْبَرِيُّ: السَّحْنَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيَهِ لَوْنُ الْوَجْهِ. وَلِرِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ تَوْجِيهٌ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِالسَّجْدَةِ أَثَرَهَا فِي الْوَجْهِ يُقَالُ لِأَثَرِ السُّجُودِ فِي الْوَجْهِ سَجْدَةٌ وَسَجَّادَةٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ الْمَسْحَةُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: التَّوَاضُعُ) وَصَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَرَوَيْنَاهُ فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ، وَفِي تَفْسِيرِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ وَزَائِدَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُوَ الْخُشُوعُ، زَادَ فِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ قُلْتُ مَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا هَذَا الْأَثَرَ الَّذِي فِي الْوَجْهِ، فَقَالَ: رُبَّمَا كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْ مَنْ هُوَ أَقْسَى قَلْبًا مِنْ فِرْعَوْنَ.
قَوْلُهُ: (شَطْأَهُ: فِرَاخَهُ، فَاسْتَغْلَظَ: غَلُظَ، سُوقُهُ: السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ أَخْرَجَ فِرَاخَهُ، يُقَالُ: قَدْ أَشْطَأَهُ الزَّرْعُ فَآزَرَهُ سَاوَاهُ صَارَ مِثْلَ الْأُمِّ، فَاسْتَغْلَظَ: غَلُظَ، فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ: السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قَالَ: مَا يَخْرُجُ بِجَنْبِ الْحَقْلَةِ فَيَتِمُّ وَيَنْمَى، وَبِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى سُوقِهِ﴾ قَالَ: عَلَى أُصُولِهِ.
قَوْلُهُ: (شَطْأَهُ شَطْءُ السُّنْبُلِ تُنْبِتُ الْحَبَّةُ عَشْرًا أَوْ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَآزَرَهُ﴾ قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ كَمَا قَوَّى الْحَبَّةَ بِمَا يَنْبُتُ مِنْهَا) (١).
قَوْلُهُ: ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ، وَدَائِرَةُ السَّوْءِ: الْعَذَابُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: الْمَعْنَى تَدُورُ عَلَيْهِمْ.
(تَنْبِيهٌ): قَرَأَ الْجُمْهُورُ السَّوْءِ بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَضَمَّهَا أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ كَثِيرٍ.
قَوْلُهُ: (يُعَزِّرُوهُ: يَنْصُرُوهُ) قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيُعَزِّرُوهُ قَالَ: يَنْصُرُوهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَعْرَافِ: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ﴾ وَهَذِهِ يَنْبَغِي تَفْسِيرُهَا بِالتَّوْقِيرِ فِرَارًا مِنَ التَّكْرَارِ، وَالتَّعْزِيرُ يَأْتِي بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالْإِعَانَةِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَمِنْ هُنَا يَجِيءُ التَّعْزِيرُ بِمَعْنَى التَّأْدِيبِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْجَانِي مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْجِنَايَةِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَجَاءَ فِي الشَّوَاذِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُعَزِّزُوهُ بِزَاءَيْنِ مِنَ الْعِزَّةِ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ:
١ - بَاب ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾
٤٨٣٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّا
(١) كذا بالنسخ ولم يذكر المؤلف هنا شيئا ولعله كان بيض له فتركه النساخ