للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ هَذَا الْوَجْهِ نَحْوَهُ بِلَفْظِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ عَبْدٌ، فَقَالَ: كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَبَنُو إِمَاءٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي قِصَّةِ الْأَمَةِ السَّوْدَاءِ الْمُرْضِعَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ عُقْبَةَ بِفِرَاقِ امْرَأَتِهِ بِقَوْلِ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهَا مَقْبُولَةً مَا عَمِلَ بِهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ قَالُوا: فَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي الرِّقِّ رِضًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ، وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ وَالْإِبَاءُ إِنَّمَا يَتَأَتَّى مِنَ الْأَحْرَارِ لِاشْتِغَالِ الرَّقِيقِ بِحَقِّ السَّيِّدِ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْقَدْرِ نَظَرٌ.

وَأَجَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَجَاءَتْ مَوْلَاةٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: وَهَذَا اللَّفْظُ يُطْلَقُ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْوَلَاءُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ رَقِيقَةً، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ رِوَايَةَ حَدِيثِ الْبَابِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا أَمَةٌ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُرَّةٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إِنْ أَخَذْنَا بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِشَهَادَةِ الْأَمَةِ، وَقَدْ سَبَقَ إِلَى الْجَزْمِ بِأَنَّهَا كَانَتْ أَمَة أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَأَبِي طَالِبٍ، وَمُهَنَّا، وَحَرْبٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ تَسْمِيَةُ أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ أَبِي إِهَابٍ، وَأَنَّهَا غَنِيَّةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مُثَقَّلَةٌ، ثُمَّ وَجَدْتُ فِي النَّسَائِيِّ أَنَّ اسْمَهَا زَيْنَبُ، فَلَعَلَّ غَنِيَّةَ لَقَبُهَا أَوْ كَانَ اسْمَهَا فَغُيِّرَ بِزَيْنَبَ كَمَا غُيِّرَ اسْمُ غَيْرِهَا، وَالْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا.

قَوْلُهُ: (فَأَعْرَضَ عَنِّي، زَادَ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ .

قَوْلُهُ فِيهِ: (فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ) فِي رِوَايَةِ النِّكَاحِ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَقُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.

١٤ - باب شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ

٢٦٦٠ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ فَقَالَ: وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ دَعْهَا عَنْكَ أَوْ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ وَأَرْضَعَتِ امْرَأَتَهُ، أَخْرَجَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، لَكِنْ هُنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَكَأَنَّ لِأَبِي عَاصِمٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ، فَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ فِيهِ ثَالِثًا وَرَابِعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَرَّازِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَيْضًا، وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَبِلَ شَهَادَةَ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَسْأَلُ عَنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّضَاعِ قَالَ: تَجُوزُ عَلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَنُقِلَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَرَّقَ عُثْمَانُ بَيْنَ نَاسٍ تَنَاكَحُوا بِقَوْلِ امْرَأَةٍ سَوْدَاءَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ الْيَوْمَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَهِدَتِ الْمُرْضِعَةُ وَحْدَهَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ مُفَارَقَةُ الْمَرْأَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَهِدَتْ مَعَهَا أُخْرَى وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ.

وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْ عُقْبَةَ بِفِرَاقِ امْرَأَتِهِ بَلْ قَالَ لَهُ: دَعْهَا عَنْكَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ: كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ؟ فَأَشَارَ