للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٩ - بَاب مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾

٥٠٢٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لنبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآن. وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ.

الحديث ٥٠٢٣ - أطرافه في: ٥٠٢٤، ٧٤٨٢، ٧٥٤٤]

٥٠٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ"

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ: مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا وَهُوَ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ أَشَارَ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَى تَرْجِيحِ تَفْسِيرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: يَتَغَنَّى: يَسْتَغْنِي، كَمَا سَيَأْتِي في هَذَا الْبَابُ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيعٍ جَمِيعًا وَقَدْ بَيَّنَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ اسْتِغْنَاءٌ خَاصٌّ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ، عَنْ وَكِيعٍ: يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِكُتُبٍ وَقَدْ كَتَبُوا فِيهَا بَعْضَ مَا سَمِعُوهُ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : كَفَى بِقَوْمٍ ضَلَالَةً أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُمْ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ غَيْرُهُ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَنَزَلَ: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ وَقَدْ خَفِيَ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ هُنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَابْنِ كَثِيرٍ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِهَا وَجْهٌ، عَلَى أَنَّ ابْنَ بَطَّالٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ قَدْ أَشَارَ إِلَى الْمُنَاسَبَةِ فَقَالَ: قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَذَكَرَ ابْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ مُخْتَصَرًا قَالَ: فَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْنَاءَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ، قَالَ: وَإِتْبَاعُ الْبُخَارِيِّ التَّرْجَمَةَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يُفْهَمُ مِنَ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاءَ لِكَوْنِهِ أَتْبَعَهُ الْآيَةَ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنْ

غَيْرِهِ، فَحَمَلَهُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَعَدَمِ الِافْتِقَارِ إِلَى غَيْرِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى ضِدِّ الْفَقْرِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِنَبِيٍّ) كَذَا لَهُمْ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لِشَيْءٍ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الَّتِي تَلِي هَذِهِ فِي الْأَصْلِ كَالْجُمْهُورِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَرِوَايَةِ عُقَيْلٍ.

قَوْلُهُ: (مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَعِنْدَ أَبِي ذَرٍّ لِلنَّبِيِّ بِزِيَادَةِ اللَّامِ، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَهِيَ لِلْجِنْسِ، وَوَهِمَ مَنْ ظَنَّهَا لِلْعَهْدِ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ: مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ ، وَشَرَحَهُ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَغَنَّى) كَذَا لَهُمْ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِدُونِ أَنْ وَزَعَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ أَنْ وَأَنَّ إِثْبَاتَهَا وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْوُونَ بِالْمَعْنَى فَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُهُمُ الْمُسَاوَاةَ فَوَقَعَ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ بِلَفْظِ أَنْ لَكَانَ مِنَ الْإِذْنِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ