التَّعْمِيمُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. وَأَشَارَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ تَفَرَّدَ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ بِقَوْلِهِ: فَاسْتَسْقَى. وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَخَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ بِدُونِهَا. انْتَهَى. وَسُلَيْمَانُ حَافِظٌ وَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ سَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ.
وَفِيهِ جَوَازُ طَلَبِ الْأَعْلَى مِنَ الْأَدْنَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ إِذَا كَانَتْ نَفْسُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ طَيِّبَةً بِهِ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ السُّؤَالِ الْمَذْمُومِ.
٥ - بَاب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ. وَقَبِلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ
٢٥٧٢ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا - قَالَ: فَخِذَيْهَا، لَا شَكَّ فِيهِ - فَقَبِلَهُ، قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ.
[الحديث ٢٥٧٢ - طرفاه في: - ٥٤٨٩، ٥٥٣٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ، وَقَبِلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ) تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ بَابٍ.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ (أَنْفَجْنَا) بِالْفَاءِ وَالْجِيمِ أَيْ أَثَرْنَا.
وَقَوْلُهُ: (فَلَغَبُوا) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَعِبُوا. وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ عَطِشُوا. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ وَقَالَ: ضَبَطُوا لَغَبُوا بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْفَتْحُ أَعْرَفُ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. وَمَرُّ الظَّهْرَانِ وَادٍ مَعْرُوفٌ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ مِنْ مَكَّةَ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ. وَزَعَمَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَّ بَيْنَهُمَا أَحَدًا وَعِشْرِينَ مِيلًا، وَقِيلَ: سِتَّةَ عَشَرَ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَكْرِيُّ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْأَوَّلُ غَلَطٌ وَإِنْكَارٌ لِلْمَحْسُوسِ. وَمَرُّ: قَرْيَةٌ ذَاتُ نَخْلٍ وَزَرْعٍ وَمِيَاهٍ، وَالظَّهْرَانُ اسْمُ الْوَادِي، وَتَقُولُ الْعَامَّةُ: بَطْنُ مَرْوٍ.
قُلْتُ: وَقَوْلُ الْبَكْرِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَبُو طَلْحَةَ هُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ وَالِدَةِ أَنَسٍ.
وَقَوْلُهُ: فَخُذِيهَا لَا شَكَّ فِيهِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ يَشُكُّ فِي الْوَرِكَيْنِ خَاصَّةً، وَأَنَّ الشَّكَّ فِي قَوْلِهِ: فَخِذَيْهَا أَوْ وَرِكَيْهَا لَيْسَ عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ كَانَ يَشُكُّ فِي الْفَخِذَيْنِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ، وَكَذَلِكَ شَكَّ فِي الْأَكْلِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ الْقَبُولَ فَجَزَمَ بِهِ آخِرًا.
[٦ - باب قبول الهدية]
٢٥٧٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ ﵃: أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ) كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ هُنَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَوْرَدَ فِيهِ