الْجَنَائِزِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ (١) كَذَا ثُمَّ فَعَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ بَرَّتْ يَمِينُهُ، خِلَافًا لِمَالِكٍ، قَالَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.
٧ - بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ اصْبِرِي
١٢٥٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ: اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي.
[الحديث ١٢٥٢ - أطرافه في: ١٢٨٣، ١٣٠٢، ٧١٥٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ: اصْبِرِي) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُحَصِّلُهُ: عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: الرجل لَيُوَضِّحَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ ﷺ، وَعَبَّرَ بِالْقَوْلِ دُونَ الْمَوْعِظَةِ وَنَحْوِهَا لِكَوْنِ ذَلِكَ الْأَمْرِ يَقَعُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الْوَعْظَ وَغَيْرِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الصَّبْرِ دُونَ التَّقْوَى؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَسِّرُ حِينَئِذٍ، الْمُنَاسِبُ لِمَا هِيَ فِيهِ. قَالَ: وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ مُخَاطَبَةِ الرِّجَالِ النِّسَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِمَا هُوَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ المنكر، أَوْ مَوْعِظَةٍ، أَوْ تَعْزِيَةٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِعَجُوزٍ دُونَ شَابَّةٍ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا آدَمُ) سَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ أَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي بَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ بَعْدَ زِيَادةٍ عَلَى عِشْرِينَ بَابًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفًى، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِمَا قَبْلَهَا لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ مُخَاطَبَةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ بِالْمَوْعِظَةِ، لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ جَوَازُ مُخَاطَبَتِهَا بِمَا يُرَغِّبُهَا فِي الْأَجْرِ إِذَا احْتَسَبَتْ مُصِيبَتَهَا، وَفِي هَذَا مُخَاطَبَتُهَا بِمَا يُرَهِّبُهَا مِنَ الْإِثْمِ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ عَدَمَ الصَّبْرِ يُنَافِي التَّقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٨ - بَاب غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسَّدْرِ
وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. وَقَالَ سَعِيدٌ: لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ
١٢٥٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ ﵂ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ، تَعْنِي إِزَارَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ)؛ أَيْ بَيَانُ حُكْمِهِ، وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ ذُهُولٌ شَدِيدٌ، فَإِنَّ الْخِلَافَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، حَتَّى إِنَّ الْقُرْطُبِيَّ رَجَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَكِنَّ
(١) كذا في النسخ، والصواب "أن يفعل" باسقاط حرف النفي، وبذلك يستقيم الكلام. والله أعلم