للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - بَاب أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا

٢٤٤٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ النبي : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا.

[الحديث ٢٤٤٣ - طرفاه في: ٢٤٤٤، ٦٩٥٢]

٢٤٤٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) تَرْجَمَ بِلَفْظِ الْإِعَانَةِ، وَأَوْرَدَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ النَّصْرِ، فَأَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ - وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ مُصَغَّرٌ - عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ.

قَوْلُهُ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا عَنْ عُثْمَانَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِكْرَاهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: تَحْجِزُهُ عَنِ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ هُشَيْمٍ عَنْهُمَا نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ في الطريق الثانية: (قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ فِي الْبُخَارِيِّ قَالُوا وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْإِكْرَاهِ فَقَالَ رَجُلٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ) كَنَّى بِهِ عَنْ كَفِّهِ عَنِ الظُّلْمِ بِالْفِعْلِ إِنْ لَمْ يَكُفَّ بِالْقَوْلِ، وَعَبَّرَ بِالْفَوْقِيَّةِ إِشَارَةً إِلَى الْأَخْذِ بِالِاسْتِعْلَاءِ وَالْقُوَّةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُعَاذٍ، عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ يَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ، فَذَاكَ نَصْرُهُ إِيَّاهُ وَلِمُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُ الْحَدِيثِ وَفِيهِ: إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نُصْرَةٌ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: النَّصْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْإِعَانَةُ، وَتَفْسِيرُهُ لِنَصْرِ الظَّالِمِ بِمَنْعِهِ مِنَ الظُّلْمِ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ وَجِيزِ الْبَلَاغَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ الظَّالِمَ مَظْلُومٌ فِي نَفْسِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ رَدْعُ الْمَرْءِ عَنْ ظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ حِسًّا وَمَعْنًى، فَلَوْ رَأَى إِنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يَجُبَّ نَفْسَهُ لِظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ يُزِيلُ مَفْسَدَةَ طَلَبِهِ الزِّنَا مَثَلًا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ نَصْرًا لَهُ، وَاتَّحَدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الظَّالِمُ وَالْمَظْلُومُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّرْكَ كَالْفِعْلِ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَتَحْتَهُ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ.

(تَنْبِيهٌ): ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ سَبَبًا لِحَدِيثِ الْبَابِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ زَمَنُ وُقُوعِهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(لَطِيفَةٌ): ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ فِي كِتَابِهِ الْفَاخِرِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا جُنْدُبُ بْنُ الْعَنْبَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ ظَاهَرَهُ وَهُوَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ حَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا عَلَى مَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ:

إِذَا أَنَا لَمْ أَنْصُرْ أَخِي وَهْوَ ظَالِمٌ … عَلَى الْقَوْمِ لَمْ أَنْصُرْ أَخِي حِينَ يُظْلَمُ