فَرْضِ الزَّكَاةِ، وَبِذَلِكَ قَالَ السُّدِّيُّ وَزَادَ: نَسَخَتْهَا آيَةُ الزَّكَاةِ، وَبِنَحْوِهِ قَالَ الضَّحَّاكُ، وَعَطَاءُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَرَجَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ الْأَوَّلَ، وَاحْتَجَّ لَهُ. وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَقَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَجْمَعُ لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْهَا، وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ الْأَخْلَاقَ ثَلَاثَةٌ بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ: عَقْلِيَّةٌ وَشَهْوِيَّةٌ وَغَضَبِيَّةٌ، فَالْعَقْلِيَّةُ الْحِكْمَةُ وَمِنْهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالشَّهْوِيَّةُ الْعِفَّةُ وَمِنْهَا أَخْذُ الْعَفْوِ، وَالْغَضَبِيَّةُ الشَّجَاعَةُ وَمِنْهَا الْإِعْرَاضُ عَنِ الْجَاهِلِينَ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مُرْسَلًا وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ سَأَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ حَتَّى أَسْأَلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ.
٨ - سُورَةُ الْأَنْفَالِ
١ - بَاب قَوْلُهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَنْفَالُ الْمَغَانِمُ، قَالَ قَتَادَةُ: ﴿رِيحُكُمْ﴾ الْحَرْبُ، يُقَالُ: نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ
٤٦٤٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: سُورَةُ الْأَنْفَالِ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ. الشَّوْكَةُ: الْحَدُّ، ﴿مُرْدِفِينَ﴾ فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي جَاءَ بَعْدِي، ذُوقُوا: بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ، ﴿فَيَرْكُمَهُ﴾ تجْمَعَهُ، شَرِّدْ: فَرِّقْ، ﴿وَإِنْ جَنَحُوا﴾ طَلَبُوا، السِّلْمُ وَالسَّلْمُ وَالسَّلَامُ وَاحِدٌ، ﴿يُثْخِنَ﴾ يَغْلِبَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُكَاءً﴾ إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ، ﴿وَتَصْدِيَةً﴾ الصَّفِيرُ، ﴿لِيُثْبِتُوكَ﴾ لِيَحْبِسُوكَ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْأَنْفَالِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَنْفَالُ الْمَغَانِمُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْأَنْفَالُ الْمَغَانِمُ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَالِصَةً لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شَيْءٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ صَنَعَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، الْحَدِيثَ فَنَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ﴾
قَوْلُهُ: (نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ) قَالَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ يُقَالُ فَذَكَرَهُ. وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ أَيْ غَنِيمَةً.
قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا﴾ طَلَبُوا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ﴾ أَيْ رَجَعُوا إِلَى الْمُسَالَمَةِ وَطَلَبُوا الصُّلْحَ.
قَوْلُهُ: (السِّلْمُ وَالسَّلْمُ وَالسَّلَامُ وَاحِدٌ) ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (يُثْخِنَ) أَيْ يَغْلِبَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ يُثْخِنُ أَيْ يُبَالِغُ وَيَغْلِبُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُكَاءً﴾ إِدْخَالُهُمْ أَصَابِعَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) وَصَلَهُ عَبْدُ ابْنُ حُمَيْدٍ، وَالْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَوْلُهُ: ﴿وَتَصْدِيَةً﴾ الصَّفِيرُ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا كَذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ):
وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مُتَرَاخِيًا عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ بِعَقِبِهِ وَهُوَ أَوْلَى، وَقَدْ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً﴾ قَالَ: إِدْخَالُهُمْ أَصَابِعَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَتَصْدِيَةً الصَّفِيرُ، يَخْلِطُونَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاتَهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُكَاءُ الصَّفِيرُ وَالتَّصْدِيَةُ صَفْقُ الْأَكُفِّ،