النَّبِيُّ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ، فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ: لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ، وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ أَجَازَا، فقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: تَعَالَيَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ صَفِيَّةَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ وَهِيَ مَوْصُولَةٌ، وَالْأُخْرَى طَرِيقُ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ وَهِيَ مُرْسَلَةٌ، وَسَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ مَعْمَرٍ، وَأَعَادَهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ هُنَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُسَافِرٍ فِي فَرْضِ الْخَمْسِ عَلَى لَفْظِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (فِي أَنْفُسِكُمَا) هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: فِي قُلُوبِكُمَا وَإِضَافَةُ لَفْظِ الْجَمْعِ إِلَى الْمُثَنَّى كَثِيرٌ مَسْمُوعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا.
١٢ - بَاب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ؟
٢٠٣٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ الزهري، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ ﵄ أَنَّ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ ح.
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ ﵂ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا. فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ: تَعَالَ، هِيَ صَفِيَّةُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ - فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا؟ قَالَ: وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلًا؟.
قَوْلُهُ: (بَابٌ: هَلْ يَدْرَأُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا رَاءٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ أَيْ: يَدْفَعُ، وَقَوْلُهُ: (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى الدَّفْعِ بِالْقَوْلِ فَيُلْحَقُ بِهِ الْفِعْلُ، وَلَيْسَ الْمُعْتَكِفُ بِأَشَدَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُصَلِّي. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ صَفِيَّةَ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَحَدُهُمَا طَرِيقُ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَهِيَ مَوْصُولَةٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ. وَالْأُخْرَى طَرِيقُ سُفْيَانَ وَهِيَ مُرْسَلَةٌ، وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ سُفْيَانَ، وَأَعَادَهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ هُنَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ فِي الْأَدَبِ عَلَى لَفْظِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا فِيهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ) وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، الْقَائِلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَدِينِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ. وَقَوْلُهُ: (وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلًا) أَيْ: وَهَلْ وَقَعَ الْإِتْيَانُ إِلَّا فِي اللَّيْلِ؟ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ إِمْكَانِهِ بَلْ نَفْيَ وُقُوعِهِ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ: أَنَّ صَفِيَّةَ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute