طَرِيقِ أَبِي حَسَّانَ، الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَصَحَّحَهُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا تُسْلِفْ إِلَى الْعَطَاءِ وَلَا إِلَى الْحَصَادِ وَاضْرِبْ أَجَلًا. وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظٍ آخَرَ سَيَأْتِي.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ نُبَيْحٍ - بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ - وَهُوَ الْعَنَزِيُّ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ الزَّايِ الْكُوفِيُّ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: السَّلَمُ بِمَا يَقُومُ بِهِ السِّعْرُ رِبًا، وَلَكِنْ أَسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ: فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالسَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ إِذَا كَانَ شَيْئًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَسْوَدِ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ السَّلَمِ فِي الطَّعَامِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ كَيْلٌ مَعْلُومٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا سَمَّيْتَ فِي السَّلَمِ قَفِيزًا وَأَجَلًا فَلَا بَأْسَ وَعَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ مِثْلَهُ.
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَاضِي: لَا تُسْلِفْ إِلَى الْعَطَاءِ لِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِ وَقْتِ الْأَجَلِ بِشَيْءٍ لَا يَخْتَلِفُ؛ فَإِنَّ زَمَنَ الْحَصَادِ يَخْتَلِفُ وَلَوْ بِيَوْمٍ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُ الْعَطَاءِ وَمِثْلُهُ قُدُومُ الْحَاجِّ، وَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَوَافَقَهُ أَبُو ثَوْرٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ تَأْقِيتَهُ إِلَى الْمَيْسَرَةِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ إِلَى يَهُودِيٍّ: ابْعَثْ لِي ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَطَعَنَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي صِحَّتِهِ بِمَا وَهِمَ فِيهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا مُجَرَّدَ الِاسْتِدْعَاءِ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ قُيِّدَ بِشُرُوطِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِفِ الثَّوْبَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ نَحْوَهُ، وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ مَرْفُوعًا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ السَّلَمِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ) هُوَ مَوْصُولٌ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعَدَنِيُّ عَنْهُ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ التَّحْدِيثِ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مَذْكُورٌ بِالْعَنْعَنَةِ.
ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَابْنِ أَبْزَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى عَنْ قَرِيبٍ.
٨ - بَاب السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ
٢٢٥٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ. فَسَّرَهُ نَافِعٌ: إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْكُ جَوَازِ السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ، وَلَوْ أُسْنِدَ إِلَى شَيْءٍ يُعْرَفُ بِالْعَادَةِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ السَّلَمِ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ، وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْخَالِصُ مِنْهَا خَمْسَةُ أَحَادِيثَ، وَالْبَقِيَّةُ مُكَرَّرَةٌ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِ حَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ خَاصَّةً. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ سِتَّةُ آثَارٍ.