زَادَ حَمَّادٌ: فَاسْتَرْجَعَ.
قَوْلُهُ: (لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا) فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا. وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ دَعَا بِذَلِكَ، وَرَجَا إِجَابَةَ دُعَائِهِ، وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ ثَابِتٍ، وَكَذَا عَنْ حُمَيْدٍ فِي أَنَّهُ قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا. وَعُرِفَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْخَبَرِ. وَفِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ مِنَ الزِّيَادَةِ: فَوَلَدَتْ غُلَامًا. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: فَجَاءَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قِصَّةِ تَحْنِيكِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْعَقِيقَةِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. . . إِلَخْ) هُوَ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، لِمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ شَبِيهَةً بِسِيَاقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا، قَالَ عَبَايَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الْغُلَامِ سَبْعَ بَنِينَ كُلَّهُمْ قَدْ خَتَمَ الْقُرْآنَ. وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ تَجَوُّزًا فِي قَوْلِهِ: لَهُمَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِهِمَا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ أَوْلَادِ وَلَدِهِمَا الْمَدْعُوِّ لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ تِسْعَةٌ وَفِي هَذِهِ سَبْعَةٌ، فَلَعَلَّ فِي أَحَدِهِمَا تَصْحِيفًا، أَوِ الْمُرَادُ بِالسَّبْعَةِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَبِالتِّسْعَةِ مَنْ قَرَأَ مُعْظَمَهُ، وَلَهُ مِنَ الْوَلَدِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ: إِسْحَاقُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَيَعْقُوبُ، وَعُمَرُ، وَالْقَاسِمُ، وَعُمَارَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعُمَيْرٌ، وَزَيْدٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الْبَنَاتِ.
وَفِي قِصَّةِ أُمِّ سُلَيْمٍ هَذِهِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا: جَوَازُ الْأَخ ذِ بِالشِّدَّةِ، وَتَرْكُ الرُّخْصَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالتَّسْلِيَةُ عَنِ الْمَصَائِبِ، وَتَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَتَعَرُّضُهَا لِطَلَبِ الْجِمَاعِ مِنْهُ، وَاجْتِهَادُهَا فِي عَمَلِ مَصَالِحِهِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الْمَعَارِيضِ الْمُوهِمَةِ إِذَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهَا، وَشَرْطُ جَوَازِهَا أَنْ لَا تُبْطِلَ حَقًّا لِمُسْلِمٍ. وَكَانَ الْحَامِلُ لِأُمِّ سُلَيْمٍ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الصَّبْرِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَجَاءَ إِخْلَافِهِ عَلَيْهَا مَا فَاتَ مِنْهَا، إِذْ لَوْ أَعْلَمَتْ أَبَا طَلْحَةَ بِالْأَمْرِ فِي أَوَّلِ الْحَالِ تَنَكَّدَ عَلَيْهِ وَقْتُهُ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْغَرَضَ الَّذِي أَرَادَتْهُ، فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ صِدْقَ نِيَّتِهَا بَلَّغَهَا مُنَاهَا، وَأَصْلَحَ لَهَا ذُرِّيَّتَهَا. وَفِيهِ إِجَابَةُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَبَيَانُ حَالِ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنَ التَّجَلُّدِ وَجَوْدَةِ الرَّأْيِ وَقُوَّةِ الْعَزْمِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ وَالْمَغَازِي أَنَّهَا كَانَتْ تَشْهَدُ الْقِتَالَ وَتَقُومُ بِخِدْمَةِ الْمُجَاهِدِينَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا انْفَرَدَتْ بِهِ عَنْ مُعْظَمِ النِّسْوَةِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ حَدِيثِ: أَبِي عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَدَبِ، وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ سُمِّيَ بِهِ غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي اشْتَهَرَ بِهَا.
٤٢ - بَاب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى. وَقَالَ عُمَرُ ﵁: نِعْمَ الْعِدْلَانِ وَنِعْمَ الْعِلَاوَةُ: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾
١٣٠٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute