للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّوَوِيُّ: فِي قَوْلِهِ أَحَدَكُمَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنَ النُّحَاةِ: إِنَّ لَفْظَ أَحَدٍ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ، وَعَلَى مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْوَصْفِ، وَأَنَّهَا لَا تُوضَعُ مَوْضِعَ وَاحِدٍ وَلَا تُوقَعُ مَوْقِعَهُ. وَقَدْ أَجَازَهُ الْمُبَرِّدُ. وَجَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ وَصْفٍ وَلَا نَفْيٍ وَبِمَعْنًى وَاحِدٍ اهـ. قَالَ الْفَاكِهِيُّ: هَذَا مِنْ أَعْجَبِ مَا وَقَعَ لِلْقَاضِي مَعَ بَرَاعَتِهِ وَحِذْقِهِ، فَإِنَّ الَّذِي قَالَهُ النُّحَاةُ إِنَّمَا هُوَ فِي أَحَدِ الَّتِي لِلْعُمُومِ نَحْوَ مَا فِي الدَّارِ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٌ، وَأَمَّا أَحَدٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي الْإِثْبَاتِ نَحْوُ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وَنَحْوُ: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾ وَنَحْوُ: أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ.

قَوْلُهُ: (فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ)؟ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِرْشَادًا لَا أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا اعْتِرَافٌ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَكَذَبَ نَفْسَهُ كَانَتْ تَوْبَةً مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ أَنْبَأَنَا عَمْرٌو فَذَكَرَهُ. وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا فِيهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو) هَذَا كَلَامُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُرِيدُ بَيَانَ سَمَاعِ سُفْيَانَ لَهُ مِنْ عَمْرٍو.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَيُّوبُ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمُبْدَأِ بِهِ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ أَيُّوبَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَيُّوبُ فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَحَدَّثَهُ عَمْرٌو بِحَدِيثِهِ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: أَنْتَ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنِّي وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ سَبَبَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ فِيهِ عِنْدَ عَمْرٍو مَا لَيْسَ عِنْدَ أَيُّوبَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ) هُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: وَفَرَّقَ سُفْيَانُ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ أَرَادَ بِهَا بَيَانَ الْكَيْفِيَّةِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ بِذَلِكَ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ، وَقَوْلُهُ: فَرَّقَ النَّبِيُّ إِلَخْ هُوَ جَوَابُ السُّؤَالِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ) قَالَ عِيَاضٌ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنَ اللِّعَانِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُذْنِبِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَذِبِهِ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ اللِّعَانِ تَحْذِيرًا لَهُمَا مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَوْلَى بِسِيَاقِ الْكَلَامِ. قُلْتُ: وَالَّذِي قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ أَوْلَى مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَوْعِظَةِ قَبْلَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ، بَلْ هُوَ أَحْرَى مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا سِيَاقُ الْكَلَامِ فَمُحْتَمِلٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ لِلْأَمْرَيْنِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَسِيَاقُهُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ، فَفِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، وَالْحَاكِمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: فَدَعَاهُمَا حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ فَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَصَادِقٌ الْحَدِيثَ، وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ فِي قِصَّةٍ غَيْرِ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، فَيَصِحُّ الْأَمْرَانِ مَعًا بِاعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ.

٣٤ - بَاب التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ

٥٣١٣ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا.

٥٣١٤ - حَدَّثَنَي مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَاعَنَ النَّبِيُّ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ (بَابُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ) ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْمُسْتَمْلِي، وَذَكَرَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَثَبَتَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ بَابٌ