للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ.

[الحديث ٣٧٥ - طرفه في: ٥٨٠١]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ، هُوَ الْقَبَاءُ الْمُفَرَّجُ مِنْ خَلْفُ، وَحَكَى أَبُو زَكَرِيَّا التَّبْرِيزِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِيِّ جَوَازَ ضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يَزِيدَ) زَادَ الْأَصِيلِيُّ هُوَ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبُو الْخَيْرِ هُوَ الْيَزَنِيُّ بِفَتْحِ الزَّايِ بَعْدَهَا نُونٌ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مِصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (أُهْدِيَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَالَّذِي أَهْدَاهُ هُوَ أُكَيْدِرٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ، وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ صَلَاتَهُ فِيهِ كَانَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: صَلَّى فِي قَبَاءِ دِيبَاجٍ ثُمَّ نَزَعَهُ وَقَالَ: نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ، لِأَنَّ الْمُتَّقِيَ وَغَيْرَهُ فِي التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُتَّقِي الْمُسْلِمُ أَيِ الْمُتَّقِي لِلْكُفْرِ، وَيَكُونُ النَّهْيُ سَبَبَ النَّزْعِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ ابْتِدَاءَ التَّحْرِيمِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُعِدْ تِلْكَ الصَّلَاةَ، لِأَنَّ تَرْكَ إِعَادَتِهَا لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ تُجْزِئُ لَكِنْ مَعَ التَّحْرِيمِ، وَعَنْ مَالِكٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٧ - بَاب الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ

٣٧٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ. ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِيُّ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ الْعَنَزَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرَ) يُشِيرُ إِلَى الْجَوَازِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُكْرَهُ، وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ الْبَابِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حُلَّةً مِنْ بُرُودٍ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ، وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَرَّ بِالنَّبِيِّ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ كَذَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الرَّدِّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ. وَحَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ. وَأَمَّا مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ فَلَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لُبْسَ النَّبِيِّ لِتِلْكَ الْحُلَّةِ كَانَ مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَقِبَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِذْ ذَاكَ غَزْوٌ.

قَوْلُهُ: (أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَيِ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَيَأْتِي بَاقِي مَبَاحِثِهِ فِي أَبْوَابِ السُّتْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.