مِنَ السَّلَفِ حَتَّى إِنَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَةً أَنَّهَا تُقْبَلُ وَحْدَهَا لَكِنْ بِشَرْطِ فُشُوِّ ذَلِكَ فِي الْجِيرَانِ.
قَوْلُهُ (عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَعُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ مَكِّيٌّ مَا لَهُ فِي الصَّحِيحِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا أَعْرِفُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا إِلَّا أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ ذَكَرَهُ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ فِي الشَّهَادَاتِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَنَّ الْعُمْدَةَ فِيهِ عَلَى سَمَاعِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ لَهُ مِنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ نَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ تَسْمِيَةُ الْمَرْأَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا هُنَا بِفُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَتَسْمِيَةُ أَبِيهَا، وَأَمَّا الْمُرْضِعَةُ السَّوْدَاءُ فَمَا عَرَفْتُ اسْمَهَا بَعْدُ.
قَوْلُهُ (فَأَعْرَضَ عَنِّي) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَفِيهِ الْتِفَاتٌ.
قَوْلُهُ (دَعْهَا عَنْكَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى يَحْكِي أَيُّوبُ) يَعْنِي يَحْكِي إِشَارَةَ أَيُّوبَ، وَالْقَائِلُ عَلِيٌّ وَالْحَاكِي إِسْمَاعِيلُ، وَالْمُرَادُ حِكَايَةُ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ حَيْثُ أَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ بِلِسَانِهِ دَعْهَا عَنْكَ فَحَكَى ذَلِكَ كُلُّ رَاوٍ لِمَنْ دُونِهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَدُ الرَّضَعَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ تَقْرِيرِ حُكْمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ، أَوْ بَعْدَ اشْتِهَارِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ أنَّ الْأَمْرَ بِفِرَاقِهَا لَمْ يَكُنْ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُرْضِعَةِ بَلْ لِلِاحْتِيَاطِ أَنْ يَحْتَاطَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يُزَوِّجَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَمْرٍ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَمَنْ زَنَى بِهَا أَوْ بَاشَرَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ زَنَى بِهَا أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ خُلِقَتْ مِنْ زِنَاهُ بِأُمِّهَا أَوْ شَكَّ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ بِصِهْرٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
٢٤ - بَاب مَا يَحِلُّ مِنْ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ وَقَالَ أَنَسٌ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ الْحَرَائِرُ حَرَامٌ ﴿إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَقَالَ ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ حَرَامٌ كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ.
٥١٠٥ - وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَرُمَ مِنْ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعٌ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ الْآيَةَ. وَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ ابْنَةِ عَلِيٍّ وَامْرَأَةِ عَلِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِيِّ، عَنْ الشَّعْبِيِّ وأَبِي جَعْفَرٍ فِيمَنْ يَلْعَبُ بِالصَّبِيِّ: إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ. وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وعن عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا زَنَى بِهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَرَّمَهُ، وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَمَاعِهِ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute