وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ ﷺ لِلصُّبْحِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَمَنَّيْتُ لَوْ قَالَ: وَمَنْ قَعَدَ فَلَا حَرَجَ. فَلَمَّا قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ قَالَهَا
قَوْلُهُ (فَقَالَ فَعَلَ هَذَا) كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ نَظَرِهِمُ الْإِنْكَارَ. وَفِي رِوَايَةِ الْحَجْبِيِّ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ) وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْهُمْ وَلِلْحَجْبِيِّ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ، كَذَا فِي أَصْلِ الرِّوَايَةِ، وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْبَابِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِ، يَعْنِي فَعَلَهُ مُؤَذِّنُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمُؤَذِّنِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَفِيهَا نَظَرٌ، وَلَعَلَّ مَنْ أَذَّنَ كَانُوا جَمَاعَةً إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً، أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْمُؤَذِّنِينَ، أَوْ أَرَادَ خَيْرٌ مِنَ الْمُنْكِرِينَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّهَا) أَيِ الْجُمُعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ (عَزْمَةٌ) بِسُكُونِ الزَّايِ ضِدُّ الرُّخْصَةِ، زَادَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَجْبِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ إِنِّي أُؤَثِّمُكُمْ وَهِيَ تُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أُحْرِجُكُمْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ عَاصِمٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنْ أُخْرِجَ النَّاسَ وَأُكَلِّفَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا الْخَبَثَ مِنْ طُرُقِهِمْ إِلَى مَسْجِدِكُمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنْكَرَهَا الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ، بَلِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذَانِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ سَاغَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ الْمَعْهُودِ، وَطَرِيقُ بَيَانِ الْمُطَابَقَةِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمَّا جَازَتْ زِيَادَتُهُ فِي الْأَذَانِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
١١ - بَاب أَذَانِ الْأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ
٦١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ.
[الحديث ٦١٧ - أطرافه في ٧٢٤٨، ٢٦٥٦، ١٩١٨، ٦٢٣، ٦٢٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ أَذَانِ الْأَعْمَى) أَيْ جَوَازُهُ.
قَوْلُهُ: (إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ) أَيْ بِالْوَقْتِ، لِأَنَّ الْوَقْتَ فِي الْأَصْلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَيْدِ يُحْمَلُ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ أَعْمَى، وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَدَاوُدَ أَنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى لَا يَصِحُّ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ السُّرُوجِيُّ بِأَنَّهُ غَلِطَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، نَعَمْ فِي الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) هُوَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ الْقَعْنَبِيُّ بِرِوَايَتِهِ إِيَّاهُ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْصُولًا عَنْ مَالِكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ، وَوَافَقَهُ عَلَى وَصْلِهِ عَنْ مَالِكٍ - خَارِجَ الْمُوَطَّأِ - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَأَبُو قُرَّةَ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ وَآخَرُونَ، وَوَصَلَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِهِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْمُسْتَمِرَّةِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَقَدْ أَقَرَّهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَعْيِينِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُ فِيهِ مِنَ اللَّيْلِ بَعْدَ بَابٍ.
قَوْلُهُ: (فَكُلُوا) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ كَانَ عَلَامَةً عِنْدَهُمْ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) اسْمُهُ عَمْرٌو كَمَا سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الصِّيَامِ وَفَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ الْحُصَيْنُ فَسَمَّاهُ