٦٢١٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ ﷺ عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: افْتَتحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ. فَإِذَا عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ - وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ - فَقَالَ: افْتَحْ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ - أَوْ تَكُونُ. فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ، قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ من نَكْتِ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ) النَّكْتُ بِالنُّونِ وَالْمُثَنَّاةِ: الضَّرْبُ الْمُؤَثِّرُ.
ذكر فيه حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّةِ الْقُفِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَنَاقِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَأَوْرَدَهُ هُنَا بِلَفْظِ عُودٍ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَأَوْرَدَهُ بِلَفْظِ: يَنْكُتُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ، وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ وَهُوَ غَلَطٌ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إِمْسَاكُ الْعَصَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْضُ مَنْ يَتَعَصَّبُ لِلْعَجَمِ، وَفِي اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُودِ هُنَا الْمِخْصَرَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَفِقْهُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنَ الْعَبَثِ الْمَذْمُومِ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ مِنَ الْعَاقِلِ عِنْدَ التَّفَكُّرِ فِي الشَّيْءِ ثُمَّ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا لَا يَضُرُّ تَأْثِيرُهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَنْ يَتَفَكَّرُ وَفِي يَدِهِ سِكِّينٌ فَيَسْتَعْمِلُهَا فِي خَشَبَةٍ تَكُونُ فِي الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا (١) فَسَادًا، فَذَاكَ هُوَ الْعَبَثُ الْمَذْمُومُ.
١٢٠ - بَاب الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الْأَرْضِ
٦٢١٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي جَنَازَةٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ الْأَرْضَ بِعُودٍ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. فَقَالُوا: أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الْأَرْضِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ، وَمَضَى الْحَدِيثُ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ واللَّيْلِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ بِعُودٍ.
وَقَوْلُهُ فِي السَّنَدِ: شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ؛ هُوَ الْأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ هُوَ
(١) قال مصحح طبعة بولاق: انظر ما مرجع الضمير وتأمل، ولذا وجد بياض في بعض النسخ بين قوله فيها وقوله بعده فسادا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute