بَطَّالٍ: وَأَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ تَشْهَدُ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: مَعْنَى قَوْلِ الْبُخَارِيِّ: هَلْ يَدْخُلُ، أَيْ: هَلْ يَصِحُّ الْيَمِينُ أَوِ النَّذْرُ عَلَى الْأَعْيَانِ، مِثْلُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ هَذِهِ الشَّمْلَةَ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا، وَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الْأَرْضُ لِلَّهِ وَنَحْوِهُ. قُلْتُ: وَالَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ بَطَّالٍ أَوْلَى، فَإِنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِذَا حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ كُلِّهِ اخْتُصَّ ذَلِكَ بِمَا فِيهِ الزَّكَاةُ دُونَ مَا يَمْلِكُهُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ كُلِّهِ: يَتَصَدَّقُ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَوَاشِي لَا فِيمَا مَلَكَهُ مِمَّا لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْأَرْضِينَ وَالدُّورِ وَمَتَاعِ الْبَيْتِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَمِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ، ثُمَّ نَقَلَ بَقِيَّةَ الْمَذَاهِبِ عَلَى نَحْوِ مَا قَدَّمْتُهُ فِي بَابُ مَنْ أَهْدَى مَالَهُ فَعَلَى هَذَا فَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ مُوَافَقَةُ الْجُمْهُورِ، وَأَنَّ الْمَالَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ إِنَّمَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا نَوَى أَوْ عَلَى مَا غَلَبَ عَلَى عُرْفِهِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ أَعْرَابِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الْإِبِلِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِ عُمَرَ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ هُوَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا أَيْضًا هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَبْوَابِ الْوَقْفِ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.
وحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَقَوْلُهُ فِيهِ: فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالْمَتَاعَ وَالثِّيَابَ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْقَعْنَبِيِّ وَالْمَتَاعُ بِالْعَطْفِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي تَنْزِيلِ ذَلِكَ عَلَى لُغَةِ دَوْسٍ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْأَمْوَالَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُنْقَطِعًا فَتَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، كَذَا قَالَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: فَلَمْ نَغْنَمْ، فَنَفَى أَنْ يَكُونَوا غَنِمُوا الْعَيْنَ، وَأَثْبَتَ أَنَّهُمْ غَنِمُوا الْمَالَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَالَ عِنْدَهُ غَيْرُ الْعَيْنِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَقَوْلُهُ: الضُّبَيْبُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُكَرَّرَةٍ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ، وَمِدْعَمٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: سَهْمٌ عَائِرٌ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ لَا يُدْرَى مَنْ رَمَى بِهِ، وَالشِّرَاكُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ كَافٌ مِنْ سُيُورِ النَّعْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ ذَلِكَ بِإِعَانَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
﷽
٨٤ - كِتَاب كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ
١ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾
وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ نَزَلَتْ: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ: أَوْ أَوْ، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِيُّ ﷺ كَعْبًا فِي الْفِدْيَةِ.
٦٧٠٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: أَتَيْتُهُ - يَعْنِي: النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: ادْنُ فَدَنَوْتُ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute