للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيهِ بَذْلَ النَّفْسِ، إِلَّا أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَمْرٌ لَازِمٌ مُتَكَرِّرٌ دَائِمٌ لَا يَصْبِرُ عَلَى مُرَاقَبَةِ أَمْرِ اللَّهِ فِيهِ إِلَّا الصِّدِّيقُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - بَاب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ

٥٢٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ Object يَقُولُ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قَالُوا: لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا.

قَوْلُهُ (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ) كَذَا ثَبَتَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ التَّرْجَمَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا. وَسَقَطَتِ التَّرْجَمَةُ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَيْهِ مَشَى ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَزَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا إِذَا صَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ فِي الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ (ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ) كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَهُمَا مَدَنِيَّانِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ.

قَوْلُهُ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ ابْنِ أَبِي أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيِّ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَبَكْرِ بْنِ مُضَرَ كِلَاهُمَا عَنْهُ. نَعَمْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ، لَكِنَّهُ شَاذٌّ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْمَشِ إِنَّمَا رَوَوْهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

قَوْلُهُ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ التَّيْمِيُّ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ أَيْضًا، فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ عَلَى نَسَقٍ

قَوْلُهُ (أَرَأَيْتُمْ) هُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالِاسْتِخْبَارِ، أَيْ أَخْبِرُونِي هَلْ يَبْقَى.

قَوْلُهُ (لَوْ أَنَّ نَهْرًا) قَالَ الطِّيبِيُّ: لَفْظُ لَوْ يَقْتَضِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ يُجَابَ، لَكِنَّهُ وَضَعَ الِاسْتِفْهَامَ مَوْضِعَهُ تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا، وَالتَّقْدِيرُ لَوْ ثَبَتَ نَهْرٌ صِفَتُهُ كَذَا لَمَا بَقِيَ كَذَا، وَالنَّهْرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مَا بَيْنَ جَنْبَيِ الْوَادِي، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسِعَتِهِ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَ النَّهَارُ لِسِعَةِ ضَوْئِهِ.

قَوْلُهُ (مَا تَقُولُ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بِإِفْرَادِ الْمُخَاطَبِ، وَالْمَعْنَى مَا تَقُولُ يَا أَيُّهَا السَّامِعُ؟ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ، وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَالْجَوْزَقِيِّ مَا تَقُولُونَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَالْإِشَارَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى الِاغْتِسَالِ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى إِجْرَاءِ فِعْلِ الْقَوْلِ مَجْرَى فِعْلِ الظَّنِّ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعًا مُسْنَدًا إِلَى الْمُخَاطَبِ مُتَّصِلًا بِاسْتِفْهَامٍ.

قَوْلُهُ (يُبْقِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ.

قَوْلُهُ (مِنْ دَرَنِهِ) زَادَ مُسْلِمٌ شَيْئًا وَالدَّرَنُ الْوَسَخُ، وَقَدْ يُطْلَقُ الدَّرَنُ عَلَى الْحَبِّ الصِّغَارِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَادِ، وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (قَالُوا لَا يُبْقِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْضًا، وَ (شَيْئًا) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ. وَلِمُسْلِمٍ لَا يَبْقَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَشَيْءٌ بِالرَّفْعِ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَذَلِكَ جَوَابُ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ فَهُوَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ إِلَخْ. وَفَائِدَةُ التَّمْثِيلِ التَّأْكِيدُ، وَجَعْلُ الْمَعْقُولِ كَالْمَحْسُوسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ الذُّنُوبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا فِي الْجَوَابِ عَلَى لَا بل أَعَادُوا اللَّفْظَ تَأْكِيدًا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَجْهُ التَّمْثِيلِ أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ، فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ تُطَهِّرُ الْعَبْدَ عَنْ أَقْذَارِ