٢٤ - بَاب الْعَاقِلَةِ
٦٩٠٣ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا ﵁: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ - إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ - وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ، قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْعَاقِلَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ عَاقِلٍ وَهُوَ دَافِعُ الدِّيَةِ، وَسُمِّيَتِ الدِّيَةُ عَقْلًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تُعْقَلُ بِفِنَاءِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ، ثُمَّ كَثُرَ الاسْتِعْمَالُ حَتَّى أُطْلِقَ الْعَقْلُ عَلَى الدِّيَةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إِبِلًا، وَعَاقِلَةُ الرَّجُلِ قَرَابَاتُهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُمْ عَصَبَتُهُ، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْقِلُونَ الْإِبِلَ عَلَى بَابِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ.
وَتَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ لَكِنَّهُ خُصَّ مِنْ عُمُومِهَا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ أُخِذَ بِالدِّيَةِ لَأَوْشَكَ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ، لِأَنَّ تَتَابُعَ الْخَطَأ مِنْهُ لَا يُؤْمَنُ وَلَوْ تُرِكَ بِغَيْرِ تَغْرِيمٍ لَأُهْدِرَ دَمُ الْمَقْتُولِ.
قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السِّرُّ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أُفْرِدَ بِالتَّغْرِيمِ حَتَّى يَفْتَقِرَ لَآلَ الْأَمْرُ إِلَى الْإِهْدَارِ بَعْدَ الِافْتِقَارِ، فَجُعِلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ احْتِمَالَ فَقْرِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنِ احْتِمَالِ فَقْرِ الْجَمَاعَةِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ كَانَ تَحْذِيرُهُ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ جَمَاعَةٍ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ مِنْ تَحْذِيرِهِ نَفْسَهُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَعَاقِلَةُ الرَّجُلِ عَشِيرَتُهُ، فَيُبْدَأُ بِفَخِذِهِ الْأَدْنَى فَإِنْ عَجَزُوا ضُمَّ إِلَيْهِمُ الْأَقْرَبُ إِلَيْهِمْ وَهِيَ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ أُولِي الْيَسَارِ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (قَالَ مُطَرِّفٌ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِلْبَاقِينَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ سَيَأْتِي بَعْدَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِعَيْنِهِ وَلَفْظُهُ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَمُطَرِّفٌ هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَهُوَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ، وَوَقَعَ مَذْكُورًا بِاسْمِ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَوْلُهُ: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ مِمَّا كَتَبْتُمُوهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ سَوَاءٌ حَفِظْتُمُوهُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَعْمِيمَ كُلِّ مَكْتُوبٍ وَمَحْفُوظٍ لِكَثْرَةِ الثَّابِتِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ مَرْوِيِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمُرَادُ مَا يُفْهَمُ مِنْ فَحْوَى لَفْظِ الْقُرْآنِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ بَاطِنِ مَعَانِيهِ، وَمُرَادُ عَلِيٍّ أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ مِمَّا كَتَبَ عَنْهُ الصَّحِيفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَا اسْتَنْبَطَ مِنَ الْقُرْآنِ كَأَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْسَاهُ، بِخِلَافِ مَا حَفِظَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ يَتَعَاهَدُهَا بِالْفِعْلِ وَالْإِفْتَاءِ بِهَا فَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا مِنَ النِّسْيَانِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ الْمَذْكُورَةِ: إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ اللَّهُ عَبْدًا فَهْمًا فِي كِتَابِهِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُطَرِّفٍ بِلَفْظِ: إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ.
٢٥ - بَاب جَنِينِ الْمَرْأَةِ
٦٩٠٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ح. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute