للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَهْدِهِ وَبَعْدِهِ، فَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَظْهَرُ.

وَالْمُرَادُ بِنِسْبَتِهِمْ إِلَى غَيْرِ نَبِيِّنَا إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا قَوَّى بِهِ الْكِرْمَانِيُّ دَعْوَاهُ بِكَوْنِ السِّيَاقِ مُخْتَلِفًا حَيْثُ قِيلَ فِي مُؤْمِنِ أَهْلِ الْكِتَابِ: رَجُلٌ بِالتَّنْكِيرِ، وَفِي الْعَبْدِ بِالتَّعْرِيفِ، وَحَيْثُ زِيدَتْ فِيهِ: إِذَا الدَّالَّةُ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَجْرَيْنِ لِمُؤْمِنِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَقَعُ فِي الِاسْتِقْبَالِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، انْتَهَى. وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ; لِأَنَّهُ مَشَى فِيهِ مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَلَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الرُّوَاةِ، بَلْ هُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مُخْتَلِفٌ، فَقَدْ عَبَّرَ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بِإِذَا فِي الثَّلَاثَةِ، وَعَبَّرَ فِي النِّكَاحِ بِقَوْلِهِ: أَيُّمَا رَجُلٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي التَّعْمِيمِ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ بِالتَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ فَلَا أَثَرَ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِلَامِ الْجِنْسِ مُؤَدَّاهُ مُؤَدَّى النَّكِرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرَّابِعَةُ: حُكْمُ الْمَرْأَةِ الْكِتَابِيَّةِ حُكْمُ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ مُطَّرِدٌ فِي جُلِّ الْأَحْكَامِ حَيْثُ يَدْخُلْنَ مَعَ الرِّجَالِ بِالتَّبَعِيَّةِ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَسَيَأْتِي مَبَاحِثُ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ وَمَبَاحِثُ الْأَمَةِ فِي النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَجْرَانِ) هُوَ تَكْرِيرٌ لِطُولِ الْكَلَامِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ) - أَيِ الشَّعْبِيُّ - أَعْطَيْنَاكَهَا، ظَاهِرُة أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ صَالِحًا الرَّاوِي عَنْهُ ; وَلِهَذَا جَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِقَوْلِهِ: الْخِطَابُ لِصَالِحٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا خَاطَبَ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ سَأَلَهُ عَمَّنْ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ شَيْءٍ) أَيْ: مِنَ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَإِلَّا فَالْأَجْرُ الْأُخْرَوِيُّ حَاصِلٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا) أَيْ: يُرْحَلُ لِأَجْلِ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهَا كَمَا عِنْدَهُ فِي الْجِهَادِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ.

قَوْلُهُ: (إِلَى الْمَدِينَةِ) أَيِ: النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، ثُمَّ تَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ فِي الْبِلَادِ بَعْدَ فُتُوحِ الْأَمْصَارِ وَسَكَنُوهَا، فَاكْتَفَى أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ بِعُلَمَائِهِ إِلَّا مَنْ طَلَبَ التَّوَسُّعَ فِي الْعِلْمِ فَرَحَلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الشَّعْبِيُّ - مَعَ كَوْنِهِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ - بِقَوْلِهِ: كَانَ، وَاسْتِدْلَالُ ابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَرَّرْنَاهُ. وإِنَّمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ ذَلِكَ تَحْرِيضًا لِلسَّامِعِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لِحِفْظِهِ وَأَجْلَبَ لِحِرْصِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانِ. وَقَدْ رَوَى الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ - قَالَ: إِنْ كُنْتُ لَأَرْكَبُ إِلَى الْمِصْرِ مِنَ الْأَمْصَارِ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ. وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ الْحَدِيثَ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَلَا نَرْضَى حَتَّى نَرْكَبَ إِلَيْهِمْ فَنَسْمَعَهُ مِنْهُمْ.

٣٢ - بَاب عِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

٩٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ أَوْ قَالَ عَطَاءٌ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ، وَبِلَالٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ، وَقَالَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ .

[الحديث ٩٨ - أطرافه في: ٧٣٢٥، ٥٨٨٣، ٥٨٨١، ٥٨٨٠، ٥٢٤٩، ٤٨٩٥، ١٤٤٩، ١٤٣١، ٩٨٩، ٩٧٩، ٩٧٧، ٩٧٥، ٩٦٤، ٩٦٢، ٨٦٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ عِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ) نَبَّهَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى أَنَّ مَا سَبَقَ مِنَ النَّدْبِ إِلَى تَعْلِيمِ الْأَهْلَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِأَهْلِهِنَّ، بَلْ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ. وَاسْتُفِيدَ الْوَعْظُ بِالتَّصْرِيحِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: فَوَعَظَهُنَّ