للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - بَاب ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾

٤٧٤٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَقُولُ: الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ. فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ؟ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ : أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ.

قوله: (بَابُ ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾ الْآيَةَ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي اللِّعَانِ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ، وَبَيْنَهُمَا فِي سِيَاقِهِ اخْتِلَافٌ سَأُبَيِّنُهُ هُنَاكَ، وَأَقْتَصِرُ هُنَا عَلَى بَيَانِ الرَّاجِحِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَاتِ اللِّعَانِ دُونَ أَحْكَامِهِ فَأَذْكُرُهَا فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى، وَمَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ لِهِشَامٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ طَرِيقَ عِكْرِمَةَ، وَمُسْلِمًا أَخْرَجَ طَرِيقَ ابْنِ سِيرِينَ، وَيُرَجِّحُ هَذَا الْحَمْلُ اخْتِلَافُ السِّيَاقَيْنِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: ضَبَطُوا الْبَيِّنَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ عَامِلٍ أَيْ أَحْضِرِ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَالتَّقْدِيرُ إِمَّا الْبَيِّنَةُ وَإِمَّا حَدٌّ. وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ: أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حُذِفَ مِنْهُ فَاءُ الْجَوَابِ وَفِعْلُ الشَّرْطِ بَعْدَ إِلَّا وَالتَّقْدِيرُ وَإِلَّا تُحْضِرُهَا فَجَزَاؤُكَ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، قَالَ: وَحَذْفُ مِثْلِ هَذَا لَمْ يَذْكُرِ النُّحَاةُ أَنَّهُ يَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وُرُودُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ