للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَيْهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ آيَاتِ اللِّعَانِ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ الْمَاضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُوَيْمِرٍ وَلَفْظُهُ فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَأَمَرَهُمَا بِالْمُلَاعَنَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عُوَيْمِرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ هِلَالٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ هِلَالٌ وَصَادَفَ مَجِيءُ عُوَيْمِرٍ أَيْضًا فَنَزَلَتْ فِي شَأْنِهِمَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ جَنَحَ النَّوَوِيُّ إِلَى هَذَا، وَسَبَقَهُ الْخَطِيبُ فَقَالَ: لَعَلَّهُمَا اتَّفَقَ كَوْنُهُمَا جَاءَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَيُؤَيِّدُ التَّعَدُّدَ أَنَّ الْقَائِلَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ، سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ بِزِيَادَةٍ فِي أَوَّلِهِ لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ الْآيَةَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ لُكَاعًا قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُهَيِّجَهُ حَتَّى آتِيَ بأَرْبَعَة شُهَدَاءَ، مَا كُنْتُ لِآتِي بِهِمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ، قَالَ: فَمَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْحَدِيثَ.

وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا فِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَرَمَى امْرَأَتَهُ الْحَدِيثَ. وَالْقَائِلُ فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ، عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ كَمَا فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ الْآيَةَ قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ: إِنْ أَنَا رَأَيْتُ فَتَكَلَّمْتُ جُلِدْتُ، وَإِنْ سَكَتُّ سَكَتُّ عَلَى غَيْظٍ الْحَدِيثَ، وَلَا مَانِعَ أَنْ تَتَعَدَّدَ الْقِصَصُ وَيَتَّحِدَ النُّزُولُ. وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ تُبَيْعٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَبِي بَكْرٍ: لَوْ رَأَيْتَ مَعَ أُمِّ رُومَانَ رَجُلًا مَا كُنْتَ فَاعِلًا بِهِ؟ قَالَ: كُنْتُ فَاعِلًا بِهِ شَرًّا. قَالَ: فَأَنْتَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ الْأَبْعَدَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النُّزُولَ سَبَقَ بِسَبَبِ هِلَالٍ، فَلَمَّا جَاءَ عُوَيْمِرٌ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِمَا وَقَعَ لِهِلَالٍ أَعْلَمَهُ النَّبِيُّ بِالْحُكْمِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَفِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ فَيُؤوَّلُ قَوْلُهُ: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ أَيْ وَفِيمَنْ كَانَ مِثْلَكَ وَبِهَذَا أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ قَالَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي هِلَالٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ لِعُوَيْمِرٍ: وقَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَمَعْنَاهُ مَا نَزَلَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى قَالَ: أَوَّلُ لِعَانٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ قَذَفَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ بِامْرَأَتِهِ الْحَدِيثَ، وَجَنَحَ الْقُرْطُبِيُّ إِلَى تَجْوِيزِ نُزُولِ الْآيَةِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْلَى مِنْ تَغْلِيطِ الرُّوَاةِ الْحُفَّاظِ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ ذِكْرَ هِلَالٍ فِيمَنْ لَاعَنَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَنْكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ أَخُو الْمُهَلَّبِ وَقَالَ: هُوَ خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عُوَيْمِرٌ. وَسَبَقَهُ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ النَّاسُ: هُوَ وَهَمٌ مِنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وَعَلَيْهِ دَارَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْسٍ بِذَلِكَ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: كَذَا جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا الْقِصَّةُ لِعُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ، قَالَ: وَلَكِنْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي حَدِيثِ الْعَجْلَانِيِّ ذِكْرُ شَرِيكٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مُبْهَمَاتِهِ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُلَاعَنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ عُوَيْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ.

ثُمَّ نُقِلَ عَنِ الْوَاحِدِيِّ أَنَّ أَظْهَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ عُوَيْمِرٌ. وَكَلَامُ الْجَمِيعِ مُتَعَقَّبٌ أَمَّا قَوْلُ ابْنُ أَبِي صُفْرَةَ فَدَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، وَكَيْفَ يُجْزَمُ بِخَطَأِ حَدِيثٍ ثَابِتٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ؟ وَمَا نَسَبَهُ إِلَى الطَّبَرِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إِنَّ ذِكْرَ هِلَالٍ دَارَ عَلَى هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وَكَذَا جَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ، فَمَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، فَقَدْ وَافَقَهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ، وَكَذَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مَوْصُولًا قَالَ: لَمَّا قَذَفَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ امْرَأَتَهُ