للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ كَوْنِهِ فِي حَجَّتِهِ رَمَى ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ طَافَ، فَلَوْلَا أَنَّ الطِّيبَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ لَمَا اقْتَصَرَتْ عَلَى الطَّوَافِ فِي قَوْلِهَا: قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ إِلَّا الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ اسْتِدَامَةِ الطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فَأَوْجَبُوا فِيهِ الْفِدْيَةَ قِيَاسًا عَلَى اللُّبْسِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ لُبْسٌ وَاسْتِدَامَةَ الطِّيبِ لَيْسَ بِطِيبٍ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّعَقُّبُ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِرِيقِ الدُّهْنِ أَوْ أَثَرِ الطِّيبِ الَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ.

١٩ - بَاب مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا

١٥٤٠ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُهِلُّ مُلَبِّدًا.

[الحديث ١٥٤٠ - أطرافه في: ١٥٤٩، ٥٩١٤، ٥٩١٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا)؛ أَيْ أَحْرَمَ وَقَدْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ، أَيْ جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا نَحْوَ الصَّمْغِ لِيَجْتَمِعَ شَعْرُهُ لِئَلَّا يَتَشَعَّثَ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ يَقَعَ فِيهِ الْقَمْلُ.

ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ، وَقَوْلُهُ: سَمِعْتُهُ يُهِلُّ مُلَبِّدًا أَيْ سَمِعْتُهُ يُهِلُّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُلَبِّدًا. وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَبَّدَ رَأْسَهُ بِالْعَسَلِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ خَطْمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. قُلْتُ: ضَبَطْنَاهُ فِي رِوَايَتِنَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ.

٢٠ - بَاب الْإِهْلَالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ

١٥٤١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ . وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ؛ يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْإِهْلَالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ)؛ أَيْ لِمَنْ حَجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ. أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَالِمٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ فِي ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَسَاقَهُ بِلَفْظِ مَالِكٍ. وَأَمَّا لَفْظُ سُفْيَانَ فَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ: هَذِهِ الْبَيْدَاءُ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِلَفْظِ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قِيلَ لَهُ: الْإِحْرَامُ مِنَ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: الْبَيْدَاءُ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا. . . إِلَخْ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مِنْ عِنْدَ الشَّجَرَةِ حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ. وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَبْوَابٍ تَرْجَمَةُ مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ؛ وَأَخْرَجَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنْكِرُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ بِلَفْظِ: رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ.

وَقَدْ أَزَالَ الْإِشْكَالَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لِابْنِ